مقالات و تحليلات

الخبير الاماراتي الدولي المستشار حبيب بولاد يكتب “للصدى” : دبي معجزة آل مكتوم (ج/6)

المستشار : حبيب بولاد / خبير تحكيم دولي شاعر وكاتب إماراتي

أدرك الجميع أن الشيخ سعيد بلغ من العمر عتيا وقد بلغ السادسة والسبعين وهو في حالة لاتسمح له بممارسة الحكم وكان المفوض السياسي البريطاني منتظما في زياراته للاطلاع على صحة الشيخ .. وكانت حرارة الصيف الحارقه ونسبة الرطوبة العاليه قد أرهقت الشيخ العتي وزادت من تفاقم حالته الصحيه فسعى الشيخ راشد الى نقل والده الى منزله بمنطقة حتا لتميز الطقس هناك بالاعتدال .. وفي يوم 10 من سبتمبر 1958 توفي الشيخ سعيد بن مكتوم آل مكتوم رحمه الله وبعد ثلاث ساعات من وفاته تم دفن الراحل الكبير وقد ملأت عيون أهالي دبي بالدموع وقد تم نقله من منزله بالشندغه الى المقبره وهو ملفوف بعلم دبي المكون من لونين الأبيض والأحمر والمغفور له الشيخ سعيد سجل أطول فترة حكم في امارة دبي وهي ستة وأربعون عاما .
في 11 سبتمبر 1958 كان الشيخ راشد يتلقى التعازي من الأعيان والمواطنين عندما زاره في منزله بالشندغه المفوض السياسي البريطاني ليقدم له تعازيه الخاصه وتعازي الملكه والحكومة البريطانيه ثم بادر الحاكم الجديد الشيخ راشد ىمقاليد الحكم بتقديم وثيقة لضيفه يعلن فيها توليه الحكم لامارة دبي خلفا لوالده الراحل ويؤكد فيها التزامه بقيم الصداقه والتعاون مع حكومة جلالة الملكه .. في اليوم الثاني عشر من سبتمبر فتحت الحكومة البريطانيه ملفا جديدا للحاكم الفعلي للاماره .. وفي الثالث والعشرين من سبتمبر عام 1958 تلقى الشيخ راشد ىرسالة من المقيم البريطاني في البحرين تتضمن اعتراف حكومة جلالة الملكه بأن الشيخ راشد حاكما شرعيا لدبي وفي 4/10/1958 كانت اعلام دبي ترتفع في كل مكان وكانت حشود المواطنين والوافدين تحيط منزل الحاكم الجديد لتقديم التهاني وحضور الحفل المنتظر .. وفي العاشرة صباحا ضج منزل الشندغه من أعيان ساحل الامارات المتصالحه وكانت جلسة حميمه حضرها حاكم أم القيوين الشيخ احمد بن راشد المعلا وحاكم عجمان الشيخ راشد النعيمي وحاكم الشارقه الشيخ صقر القاسمي ومندوب حاكم رأس الخيمه وممثلان عن حكومة ابوظبي والفجيره .. وتم استقبال المقيم السياسي البريطاني في البحرين والمفوض السياسي البريطاني بدبي لحضور الحفل الكبير وقد وقفوا جميعا دقيقة صمت ترحما على روح الشيخ سعيد آل مكتوم ثم تقدم المقيم السياسي البريطاني ليتكلم باللغة العربية الفصحى معترفا بالشيخ راشد حاكما جديدا وأنه خير خلف لخير سلف .. عندما أنهى المقيم كلمته أطلقت البحرية البريطانيه خمس طلقات مدفعيه اعلانا عن تسليم الحاكم الجديد رسالة الاعتراف الرسمي من الحكومة البريطانيه بتولي الشيخ راشد الحكم في امارة دبي وعلى أن يرد الحاكم الجديد على كلمة المسؤول البريطاني أشار الشيخ راشد الى ابنه الشيخ مكتوم بأن يتكلم نيابة عنه وهو لم يتجاوز الخامسة عشر من العمر مما جعل الحاضرين يدركون على انه سيكون وليا للعهد وهو المنتظر .
سعى الشيخ راشد منذ توليه حكم دبي عام 1958 الى التبشير بالوحده والاتحاد والتأكيد على أن لامستقبل للخليج دون أن تتخذ الامارات بعضها بعضا لكي يتمكن من الدفاع عن مقومات انتمائه وأصالته .. وقد جاء الشيخ راشد ليكون حكيما اجتمعت حكمته مع حكمة الشيخ زايد آل نهيان حيث مثلا معا المنعطف التاريخي للمكان والزمان منذ اعلانهما معا عن الاتحاد الثنائي بين ابوظبي ودبي في عام 1968 .. وآخر مناسبة ظهر فيها الشيخ راشد بصورة علنيه في حفل الاستقبال الذي اقامه سموه على شرف ضيفته رئيسة وزراء الهند أنديرا غاندي في مايو عام 1981 بفندق الامبسادور بدبي وفي 20/ يونيو 1981 غادر الشيخ راشد الى لندن للعلاج ثم عاد للوطن محفوفا بقلوب مواطنيه وشعب الامارات وأبناء الخليج .. على الرغم من تعافي الشيخ راشد فكان شهر مايو عام 1983 حزينا ثقيلا مليئا بغيوم الأسى ففي الثامن من هذا الشهر أصدر ديوان الحاكم ينعي فيه بوفاة الشيخه لطيفه بنت حمدان آل نهيان حرم الشيخ راشد وأم دبي الحديثه وهي المستشاره الأمينه للشيخ راشد والأم والمعلمة الراعيه والرمز لأبنائها .. ومنذ زواجهما عام 1939 عاش الشيخ راشد مع الشيخه لطيفه عمرا من التفاهم والسعاده وقد وجد فيها سجايا أمه المغفور لها الشيخه حصه بنت المر التي كانت معلمته الاولى وبعد صدور بيان النعي للمغفور لها الشيخه لطيفه نكست الاعلام لمدة سبعة ايام .. وللحديث بقيه ..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى