أخبار موريتانياالأخبار

الشيخ أحمد بن اجاه اليعقوبي يرد على تبرئة الشيخ الددو لمجلس “الفتيان” من الاساءة للجناب النبوي

مجلس “الفتيان”

أثارت الفتوى التي أصدرها الشيخ محمد الحسن ولد الددو مؤخرا بخصوص النقاش الذي دار في المجلس الذي ضم الى جانب آخرين القيادي الاسلامي محمد جميل منصور والوزير السابق  المحسوب على التيار سيدي محمد ولد محم  – اثارت استغرابا بل استنكارا لدى بعض العلماء وعامة الناس الغييورين على الجناب النبوي الشريف

وهي الفتوى التي ذهب فيها الشيخ الددو إلى أن ما تناوله سمار “مجلس الفتيان” لا يعد سوء أدب مع الجناب النبوي الشريف رغم استخدامهم لعبارات بالغة في سوء الأدب في جو مشحون بالفكاهة والتنكيت

ومن  الردود العلمية  على الشيخ الددو الرد الذي كتبه مريده أحمد ولد أجاه اليعقوبي حيث أكد أنه يحب الشيخ الددو في الله لكن الحق أحب إليه منه.

 وهذا نص الرد:

بسم الله الرحمن الرحيم

يُعجبني سماحة العلامة الشيخ محمد الحسن بن الدَّدَوْ وأحترمه وأحبه في الله.

 ولكن لا أحبه إلا في الله.

إذًا فالحق أحب إلي منه

نعم يُعجبني الشيخ لكن لا يعجبني ما نُسب إليه على بعض مواقع التواصل الاجتماعي من دفاعه عما  نسبه محمد يحيى ابن ابِّيهْ لذلك المجلس الذي وصفه بالحرف بقوله : ((مجلس من أرقى مجالس الفتوة …..) !!

ولا أصدق ما نُسب للشيخ من تبريره والدفاع عنه ونفي احتمال الإساءة عنه, لا أصدق  مبدئيا

لأمرين :

أولا : لأنه ليس بخطه أو صوته والرَّاجلْ مواقْفُ ما يكاذبْ فيها عادة ؛ أوضحْ واقوَ واشْجعْ من ذاكْ

ثانيا – وهو الأهم  -: لما فيه من فساد الدليل والدَُِّلالة فضلا عن فساد الذوق وعدم تحقيق المناط .

ثم إن ما يدور في مجالس ملوك بني أمية – وحاش الأشجْ – إن صح فبمثله لا يحتجْ.

ثم إن للتراكيب والمفردات العربية لها دلالاتها عند العارفين بها من أهل الذوق السليم كما أن لمفردات وتراكيب الحسانية أيضا دلالتها عند العارفين بها من أهل الذوق السليم.

ثم إن قصارى ما دار بين سليمان بن عبد الملك والأعرابي صحة تركيب عربي قدأشبع أهل اللغة الكلام على صحته واستدلوا عليه بذلك

 فليس مما دار في المجلس في شيء وليس هو منه في شيء

سارت مشرقةً وسِرْتَ مُغَرِّبًا ..

شتان بين مُشرق ومُغرب.

ثم إن هذا النوع من القصص الأدبية التاريخية – إن صح  وجاء قطعي الورود قطعيَّ الدَُِّلالة – فمثله لا يعتمد في هذا المقام فاعتماده في هذا المقام – ولكل مقام مقال – دليل على أن معتمده لم يطابق مقتضَى المقام.

ثم كيف يبلغ بنا (الإعجاب بالعنصر العربي) إلى أن نُصَنِّف – في معركة بدر الكبرى وقد قتل فيها الصحابي أباه وهم بقتل ابنه وشارك في أسر أخيه – نُصَنِّف الأب من الزوايا والابن من العرب أو الابن من العرب والأب من الزوايا أو الأخ من هؤلاء والآخر من هؤلاء لولا تعليق الأحكام بما منه الاشتقاق؟

وهو من الخطر بمكان

على كل فمثل ذلك الدفاع عن مثل تلك الإساءة لا يليق بمثل ذلك الشيخ فلا أراه إلا موضوعًا.

ولم أقل مثلك أعني به … سواك يافردًا بلا مُشبه.

وأذكر الجميع بقول الله تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ } [الحجرات: 6]

ؤذاكْ جارِّ طرْفُ اعْلَ المَجْلسْ الذي عزا له محمد يحيى ما عزا

فذلك مما لا يَثبُت إلا بعدلين

وهل السكوت – ولاسيما في هذا المقام –  شاهد عرفي؟

أو إقرار؟

أو لا ينسب للساكت قول أصلا؟

الله تعالى أعلم

على كل حال مما لا ريب فيه أن ما نقل محمد يحيى سوء أدب وأنه ليس مجرد ناقل بل هو معجب أيُّ معجب

وعلى المجلس إن كان ما نسب إليهم غير صحيح – ولعل ولعل – أن يبينوها استبراءً لدينهم وعرضهم.

فالمقام الرفيع يستوجبه عليهم والإسلام يستوجبه عليهم والمسلمون يستوجبونه عليهم .

وبالله تعالى التوفيق

 

ثبتت عندي نسبة المسألة للددو وهو جواب سؤال من محفوظ ول الوالد

 

تَذْنِيبٌ للتدوينة المتقدمة بخصوص ما نسب لسماحة العلامة الشيخ محمد الحسن بن الددوا حفظه الله ورعاه :

أما ما نسب إليه مما نصه :  (( و رحم الله سليمان بن عبد الملك فقد سمع أعرابيا في عام قحط ينشد ( رب العباد مالنا و ما لك    قد كنت تسقينا فما بدا لك.      أنزل علينا الغيث لا أبا لك ) فقال نعم و لا صاحبة له و لا ولد فحملها سليمان أحسن محمل))

فكان اللائق بهذا المقام أن يطوى وﻻ يروى فﻻ يتخذه المسيئون أصﻻ يؤصلون به سوء أدبهم وقد مر ما فيه , وليس فيه ما يحتمل محمﻻ صحيحا إﻻ كلمة (ﻻ أبالك) فهي وإن كان فيها جفاء، فإن بعض العرب يأتي بها على معنى المدح، فيقول: انظر في أمر رعيتك لا أبا لك.

 وهو ما قصدتُ الإشارة إليه في التدوينة السابقة.

 

(مَا حَامِلْهَـ يَكُنْ افْلاَنْ .. افْلانْ ؤُلاَهُ حَامِلْهَ)

 

ولذلك قال الإمام قال أبو سليمان الخطابي البستي في كتابه “شأن الدعاء”  قال : ((فأما أغاليط من جَمَحَ به اللسان، واعتسف أودية الكلام من الأعراب، وغيرهم، الذين لم يعنوا بمعرفة الترتيب، ولم يقومهم ثِقافُ التأديب، كقول بعضهم في استسقاء الغيث:

ربَّ العباد مالنا ومالكا

 قد كنت تسقينا فما بدا لكا

 

أنزل علينا الغيث لا أبا لكا

 

 

وكقول القائل من قريش حين هدموا الكعبة في الجاهلية وأرادوا بناءه على أساس إبراهيم – صلوات الله عليه  – فجاءت حية عظيمة، فحملت عليهم، فارتدعوا.

فعند ذلك قال شيخ منهم كبير  : “اللهم لا تُرَعْ، ما أردنا إلا تشييد بيتك، وتشريفه”

وكقول بعضهم – وإن كان من المذكورين في الزهاد- : “نعم المرءُ ربُّنا، لو أطعناه لم يعصنا” فإنها في أخواتها، ونظائرها عجرفية في الكلام، وتهور فيه، والله -سبحانه- متعال عن هذه النعوت، وذِكره منزه عن مثل هذه الأمور، وقد روينا عن عون بن عبد الله، أنه كان يقول: “ليعظم أحدُكم ربَّه، أن يذكر اسمه في كل شيء، حتى يقول: أخزى الله الكلب، وفعل الله به كذا”.

وكان بعض من أدركناه  من مشايخنا قل ما يذكر اسم الله -جل وعز- إلا فيما يتصل  بطاعة، أو قربة،.)) انتهى الغرض منه. (1)

 

وقال القاضي عياض في “الشفا بتعريف حقوق المصطفى”: ((و قد أسرف كثير من سخفاء الشعراء و متهميهم في هذا الباب و استخفوا عظيم هذه الحرمة فأتوا من ذلك بما ننزه كتابنا و لساننا و أقلامنا عن ذكره و لولا أنا قصدنا نص مسائل حكيناها ما ذكرنا شيئا مما يثقل ذكره علينا مما حكيناه في هذه الفصول

 فأما ما ورد في هذا من أهل الجهالة و أغاليط اللسان كقوله بعض الأعراب:

رب العباد مالنا ومالكا

 قد كنت تسقينا فما بدا لكا

 

أنزل علينا الغيث لا أبا لكا

 

في أشباه لهذا من كلام الجهال

 و من لم يقومه ثقاف تأديب الشريعة و العلم في هذا الباب فقلما يصدر إلا من جاهل يجب تعليمه و زجره و الإغلاط له عن العودة إلى مثله

 قال أبو سليمان الخطابي : و هذا تهور من القول و الله منزه عن هذه الأمور

.

و قد روينا عن بن عبد الله أنه قال : ليعظم أحدكم ربه أن يذكر اسمه في كل شيء حتى يقول : أخزي الله الكلب و فعل به كذا و كذا.

وكان بعض من أدركنا من مشايخنا فلما يذكر اسم الله تعالى إلا فيما يتصل بطاعته)) انتهى الغرض منه. (2)

وأما ما نسب للشيخ مما نصه بالحرف : ((ولا أعلم أحدًا من أهل العلم يتحرج في حكاية الكلام مع نسبته إلى قائله وقد حكى الله تعالى كلام اليهود والنصارى والمشركين)) فغريب أن ينسب إلى مثل الشيخ أحرى أن يقول به فالشيخ أغزر علما وأطول يدًا من ذلك

وعلى كل حال فلنبدأ من حيث انتهى فقد قال القاضي عياض في الشفا بتعريف حقوق المصطفى : ((و قد حكى الله تعالى مقالات المفترين عليه و على رسله في كتابه على وجه الإنكار لقولهم و التحذير من كفرهم و الوعيد عليه و الرد عليهم بما تلاه الله علينا في محكم كتابه

 و كذلك وقع من أمثاله في أحاديث النبي الله صلى الله عليه و سلم الصحيحة على الوجوه المتقدمة .

و أجمع السلف و الخلف من أئمة الهدى على حكايات مقالات الكفرة و الملحدين في كتبهم و مجالسهم ليبينوها للناس و ينقضوا شبهها عليهم  و إن كان ورد لأحمد بن حنبل إنكارٌ لبعض هذا على الحارث ابن أسد فقد صنع أحمد مثله في رده على الجهمية و القائلين بالمخلوق.

 هذه الوجوه السائغة الحكاية عنها.

 فأما ذكرها على غير هذا من حكاية سبه و الإزراء بمنصبه على وجه الحكايات و #الأسمار و #الطرف و أحاديث الناس و مقالاتهم في الغث و السمين و #مضاحك المجان و #نوادر السخفاء و الخوض في قيل و قال و ما لا يعني ـ فكل هذا ممنوع و بعضه أشد في المنع و العقوبة من بعض

 فما كان من قائله الحاكي له على غير قصد أو معرفة بمقدار ما حكاه أو لم تكن عادته أو لم يكن الكلام من البشاعة حيث هو و لم #يظهر على حاكيه #استحسانه و #استصوابه ـ زُجر عن ذلك و نُهي عن العودة إليه وإن #قوم #ببعض الأدب فهو #مستوجب له و إ كان لفظه من البشاعة حيث هو كان الأدب أشد

 و قد حكي أن رجلا سأل مالكا عمن يقول : القرآن مخلوق فقال مالك : كافر فاقتلوه فقال : إنما حكيته عن غيري فقال مالك : إنما سمعناه منك.

 و هذا من مالك على طريق الزجر و التغليظ بدليل أنه لم ينفذ قتله

 و إن اتُّهم هذا الحاكي فيما حكاه أنه اختلقه و نسبه إلى غيره أو كانت تلك عادة له أو #ظهر #استحسانه لذلك أو كان مولعا بمثله و الاستخفاف له أو التحفُّظ لمثله أوطلبه أو رواية أشعار هجوه صلى الله عليه و سلم و سبه فحكم هذا حكم الساب نفسه يؤاخذ بقوله و لا تنفعه نسبته إلى غيره فيبادر بقتله و يعجل إلى الهاوية أمه

 قال أبو عبيد القاسم بن سلام ـ فيمن حفظ شطر بيت مما هجي به النبي صلى الله عليه و سلم فهو كفر

 و قد ذكر بعض من ألف في الإجماع ـ إجماع المسلمين على تحريم رواية ما هجي به النبي صلى الله عليه و سلم و كتابته و قراءته و تركه متى وجد دون محو.

 و رحم الله أسلافنا المتقين المتحرزين لدينهم فقد أسقطوا من أحاديث المغازي

و السير ما كان هذا سبيله و تركوا روايته إلا أشياء ذكروها يسيرة و غير مستبشعة على نحو الوجوه الأول ليروا نقمة الله من قائلها و أخذه المفتري عليه بذنبه

 و هذا أبو عبيد القاسم بن سلام رحمه الله قد تحرى فيما اضطر إلى الاستشهاد به من أهاجي أشعار العرب في كتبه فكنى عن اسم المهجو بوزن اسمه استبراء لدينه و تحفظا من المشاركة في ذم أحد أو نشره فكيف بما يتطرق إلى عرض سيد البشر صلى الله عليه و سلم)) انتهى بحروفه. (3)

وقد أشار إلى ذلك العلامة محمد مولود بن أحمد فال رحمه الله تعالى في محارم اللسان والسمع والبصر بقوله:

كَذَا حِكَايَةُ مَقَالِ ناطِقِ

في جَنْبِ الاَنْبِيَا بِغَيْرِ لائِقِ

مَالَمْ يَسُقْهُ غَرَضٌ شَرْعِيُّ

لَهُ كَأنْ يَحْذَرَهُ غَبِيُّ.

 

وبالله تعالى التوفيق.

ــــــــــــ

(1) [الكتاب: شأن الدعاء.

المؤلف: أبو سليمان حمد بن محمد بن إبراهيم بن الخطاب البستي المعروف بالخطابي (المتوفى: 388هـ)

المحقق: أحمد يوسف الدّقاق

الناشر: دار الثقافة العربية

ص: 17].

(2) [الكتاب : الشفا بتعريف حقوق المصطفى – مذيلا بالحاشية المسماة مزيل الخفاء عن ألفاظ الشفاء

المؤلف : العلامة القاضي أبو الفضل عياض اليحصبي 544 هـ

الحاشية : العلامة أحمد بن محمد بن محمد الشمنى , 873 طبعة دار الفكر , ج : 2, ص : 300-301.]

(3) [الشفا ط السابقة ج 2ص 245-247]

شرح بعض المفردات :

السخفاء جمع سخيف أي رقيق العقل

 الثِّقَاف  في الأصل: خَشَبَة تُسَوَّى بها الرماح .

 التهور بفتح المثناة الفوقية والهاء وضم الواو وتشديدها الوقوع في الشي بقلة مبالاة.

 

للاطلاع على فتوى الشيخ الددو اضغط (ي) هنا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى