فضاء الرأي

موريتانيا الجديدة: مجاديف الاستقرار (ح1) .. / محمد الشيخ ولد سيد محمد

محمد الشيخ ولد سيدي محمد / مكلف بمهمة في رئاسة الجمهورية

موريتانيا الجديدة: مجاديف الاستقرار

الاستثمار في عمارة الأرض، وبناء الانسان، وحفظ الأمن.

موريتانيا الجديدة:

الاستثمار في البيئة الحاضنة، وتوظيف طاقات “الاقتصاد الدوار”

ان العالم الذي نعيش فيه يخسر 17 تريليون دولار سنويا بسبب إساءة استخدام الأرض، ومنذ1960 وحتي2009 لم تضع “حكومات الظل” في موريتانيا سياسات حكامة، لاستغلال خيرات ارضنا، ولإنقاذ شبابنا من الفقر والتيه، وتوجهت جهودها الى نهب الخيرات، وتدمير البيئة، وتهريب العائد الي الخارج في حسابات بنكية مموهة، وشركات، وعقارات مجهولة التصنيف.

ومنذ تسع سنوات فقط اكتشفنا أهمية أن لا نسيء أكثر الي الجغرافيا الموريتانية: موارد بشرية، وعائدات اقتصادية، سواء تمثل ذلك في تعميم مرافق الخدمات، أو فضاءات الحريات العامة على مواطنينا في الداخل والخارج.

ان  ” الاقتصاد الدوار” فضلا عن مزاياه على البيئة في بلادنا،  اذ يوفر الانخراط النشط في مبادرات  لحماية الغابات المطرية، ولزراعة الخضروات بكثافة ،وللحفاظ على أريافنا الجميلة،   فان (الاقتصاد الدوار) يمكن أن يوفر مائتي ألف فرصة عمل للشباب العاطل عن العمل بموريتانيا ، حين تشجع  حكومة  موريتانيا الجديدة ،  بناء شبكة من شركات  الدخل المتوسط ، في عموم أقطابنا التنموية الخمس: 1-قطب ضفة النهر،2- قطب لحدادة (من انجاكو الي انبيكت لحواش)، 3-قطب المعادن والواحات(ولايات الواحات والمعادن  والموانئ)،4- قطب الوسط ( طريق الأمل من نواكشوط الي النعمة)،5- قطب الرحل (من انبيكت لحواش الى بير امكرين )، و يمكن ترجمة ذلك من خلال تطبيق  برامج المجالس الجهوية المنتخبة للتنمية ، التي فتح استفتاء 5 أغسطس  الأبواب أمامها.

  رؤية (موريتانيا الجديدة)، أمل جديد أمام شبابنا الي الاندماج في الاقتصاد التشاركي (الدوار)، وقيام نهج حكومة ، تطلق (مشروع عدالة اجتماعية)، يهدف الى تمويل (المبادرات التنموية  الشبابية  الصغيرة والمتوسطة)، في جميع  أنحاء موريتانيا.

يمكن لكل مجموعة، مكونة من عشرة من تخصص من تخصصات الشباب العاطل عن العمل، الحصول علي ملكية مشروع مشترك، في مجالات الاقتصاد الدوار: المجال العقاري، مجال النقل وعبور البضائع، مجال تسويق ما خف حمله وغلى ثمنه  من صناعات رقمية مذهلة.

قد يكون الازدهار مجسدا في توزيع عادل للثروة، وللعائد الديمغرافي، وقد يتجسد في مبادرات العمل الشبابية الممولة وطنيا، والمدعومة من قبل شركائنا في مجال التنمية، على سبيل المثال لا الحصر:

(مشروع بيع للسلع)، أو(مشروع نقل عام)، أو (مجمع تربوي)،أو(مجمع عقاري) أو (حقل زراعي)،أو(مشروع تسويق منتج للأسماك) أو (مشروع لتثمين السياحة الثقافية)،أو(بيع وتوزيع  الكتب)، أو(شركة للإنتاج السمعي البصري)، أو(إعادة تدوير النفايات)، أو(شركات النظافة)،أو (المنتجات الحيوانية)، أو( تسويق الهواتف وشرائح الاتصالات)،أو (تربية الدواجن)، أو (تبليط الشوارع وتزيين واجهات المنازل)، أو(نشر الأخلاق عبر وسائط التواصل والمنصات في الحدائق العامة ودور العبادة).، أو(للأزياء والأعلام)، أو( المراكز والمنتديات الثقافية).

يوفر هذا التوجه الرفاه الاقتصادي والاجتماعي، اذ هو يزيد من مؤشر النمو، ويوجه الشباب الي التنمية بعيدا عن الكراهية والتطرف ، و يجنبهم  دروب الاستغلال السياسي والدعائي الرخيص.

وهو اتجاه لا غنى عنه لتخفيض البطالة، ولدمج الطاقات الحية لفئاته النشطة، من أجل بناء مؤسسات، وأفكار، ومبادرات، وحياة ثقافية واقتصادية، واجتماعية، ومعرفية، جماعية، موحدة ، و مشتركة، في حاضر هذا الشباب الواعد، وفي مستقبله المشرق.، بعيدا عن ثقافة المظلوميات التاريخية ، واستيراد تجارب الكراهية المقيتة.، والتشدق  بأفكار يسارية وفتاوى يمينية، ماتلقضة تماما مع البناء الفكري والثقافي لأحفاد الملثمين المرابطين.

(2)

موريتانيا الجديدة:

الاستثمار في الحرية، والمعرفة، والتنافسية

منذ العصر الحجري الي بروز الثورة الصناعية كانت الأرض، ورأس المال، والعمالة هي العوامل الثلاثة الأساسيّة للإنتاج في الاقتصاد القديم، ولكن مع الثورة الرقمية الهائلة أصبحت المعرفة الفنية والمعلومات، والذكاء، والإبداع هي من الأصول المهمّة في الاقتصاد الحديث، وأصبحت التكنولوجيا، وبرامج الكمبيوتر لها أهمية تتجاوز أهمية رأس المال، والعمال، وأصبحت حقوق العامل الملكية والفكرية، وتشجيع مواهب المبتكرين والأذكياء أهم من الكم، والنوع، وقوة العضلات، والدعاية المضللة.

70 % من العمالة في الاقتصادات المتقدّمة هم عمالة معلومات؛ فأغلب عمال المصانع أصبحوا يستخدمون ذكائهم وعقولهم أكثر من أيديهم وقوة عضلاتهم،

أمام هذا المتغير في الزمن، والوفرة، وتعدد شبكات الإنتاج والتسويق، ووجهات الهجرات والأسواق، سعت موريتانيا الجديدة منذ2009 الى أن تبني منظومة متكاملة في مجالات: التعليم (المدارس والجامعات والمراكز المتخصصة)،

الرقمنة (الحالة المدنية للأشخاص والعقارات والسيارات ونقاط المراقبة والعبور)، مرافق الخدمات الأساسية (الماء الشروب، الطرق، الكهرباء، السكن اللائق، التأمين والصرف الصحي وشبكات الكمبيوتر والإنترنت).

تمثل المستشفيات المتخصصة، ومدارس الامتياز، والجامعات، والحالة المدنية البيومترية، ومنجزات التنمية القاعدية في شتي المجالات، وضمان الحريات العامة: حق التجمع، والتعبير، والنقد، والمعارضة، والتصويت، والتظاهر، والرفض بمختلف الأشكال والتوجهات. دلائل على وجود وحقيقة نهج موريتانيا الجديدة.

لابد من توسيع سياسة بناء المناطق الاقتصادية الحرة، المزودة بتكنولوجيا الاتصالات والمعلومات، وخفض التعريفات الجمركية على المنتجات، وزيادة التنافسية بين الجهات ومنتجاتها المختلفة، ملذا لو أصبحت ولاياتنا جغرافيا (عشرون دائرة)، وأصبحت كل خمس ولايات (منطقة اقتصادية حرة)، وتم تشجيع التخصصات وتوحيد التعرفة، وتسهيل العبور والاندماج في مجال مواسم ومنصات التسويق والتبادل بينها…تلك نتيجة من نتائج الاهتمام بالإنسان الموريتاني وهويته الثقافية، وابتكاراته المتعددة  في فضاءات أقطابه التنموية الخمس.

(3)

موريتانيا الجديدة:

الاستثمار في الأمن والاستقرار

ان انخرام عقد دول عربية، بفعل ربيع قان بدماء ” الأبرياء البسطاء”، أعطى أعظم الدروس للشعوب العربية التي فقدت أوطانها، ومؤسساتها، وسيادتها، وأمنها، واستقرارها، وجميع حرياتها الاقتصادية والسياسية والثقافية والدينية

والاجتماعية.

أما في بلدنا – موريتانيا الجديدة – بحمد الله وفضله، فلقد أمن تغيير (ثوار أغسطس) كل الموريتانيين (معارضة وأغلبية)، من السقوط في مستنقع الحروب الأهلية، وأتون الهجرات الى المجهول.

لقد أظهرت تكلفة الحروب والإرهاب عام 2015 مبلغاً فلكياً يقارب 13.6 تريليون دولار، وفق تقديرات المؤشر العالمي السنوي للسلام التابع لمنظمة الأمم المتحدة، وقدرت احدى الدراسات الغربية بأن هذه الحروب قتلت من العرب والمسلمين ثلاثة أضعاف ما قتل منهم في الحروب العالمية وفي حروب الاستقلال، وأكدت دراسة ألمانية ان التربة والماء والهواء المكونات الطبيعية التي تعيش فيها الكائنات الحية قد دمرت ولوثت في العراق وسوريا وليبيا واليمن على أوسع نطاق.

*****

تغيّرت معالم الأرض السياسية بشكل كبير، منذ وصول (ثوار أغسطس) الي دفة الحكم في الجمهورية الإسلامية الموريتانية.

مسار المحافظة على بلد خال من سجناء الرأي، ومن الإرهاب وأشكال العنف، تم رسم مقاربته، وتنفيذ ضوابطها ومخرجاته، في عصر العولمة وهزات استنساخ تجارب الرحيل المدمرة.

موريتانيا الجديدة كما أعلن الرئيس أمام جموع الرياضيين الموريتانيين، ستحافظ على هذا المكسب الغالي، بالاعتزاز بجيشها وقواها الأمنية، والامتنان لشهداء الوطن، والذود بشجاعة عن أمن واستقرار مواطنينا وحوزتنا الترابية.

ان الاستثمار في الاستقرار والأمن، يعني الانتصار لعناق مداد العلماء الربانيين ودماء الشهداء الميامين.

وهذا النهج يتطلب انشاء مؤسسة سيادية تهتم بالمقاومة والشهداء، وتعطى للشهيد وأبنائه معاني الرحمة والامتنان والمحبة.

كما أن انشاء مركز وطني لدراسة ثقافة المنعة والمقاومة (محاظر، ودواوين شعرية، وثقافة ومرويات شفهية، وفنونا ومواقع أثرية) قرار يؤرخ لموريتانيا الجديدة التي يمكنها أن تواجه حاضرا ومستقبلا   ثالوث مخلفات: ارساليات الغزاة، وحكومات الطغاة، وكيانات الغلاة.

نهج الحوار الدائم، واستفتاء الشعب في التوجهات الكبرى، وعمارة الأرض، وبناء الانسان في أخلاقه وهويته، وإرساء قواعد الأمن وتوفير ضمانات الاستقرار، تلك هي مجاديف موريتانيا الجديدة، التي أسسها (ثوار أغسطس)، وباركها الشعب في

(استفتاء5 أغسطس)، وأكدها الأحمد العزيز أمام جموع الشياب يوم أمس الأربعاء (9 أغسطس2017)

ألا يتطلب ذلك تضحيات جديدة، ورجالا أشداء، صدق عند اللقاء، حكماء عند الاختلاف؟

عقولهم صاحية، لم تشبها شائبة في الشدة والرخاء، وألسنتهم تصدق بقوة ولا تكذب برعونة، لا يروغون كما يروغ الثعلب، لهم حظ من (انه يراك حين تقوم)، ولهم ورد من أوراد (الذاكرين الله كثيرا)، وصدورهم (لا تحمل غلا ولا حسدا لأهل موريتانيا في الأعم وفي الأخص)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى