أخبار موريتانياالأخبارتحقيقات

موريتانيا: توقف الصحف والتلفزيونات والإذاعات الخاصة وأزمة المطبعة وغياب الدعم … هل من إجراء حكومي للحل؟

الصدى – متابعات /

صورة تخدم النص

يتجه المشهد الإعلامي الوطني في موريتانيا نحو المجهول في غياب أي شكل من أشكال التعاطي الرسمي الإيجابي مع الأزمات المتشعبة التي تعصف بالحقل الإعلامي وبالمشهد الإعلامي الوطني في هذه الظرفية التي تبدو حالكة بالنسبة لكل الغيورين على الصحافة من صحفيين ووطنيين عموما.

 

ففي الوقت الذي ندخل العام الثالث من تجفيف مصادر الدعم التقليدية للصحافة المستقلة عبر “تعميم” حكومي أشفع بآخر من مفتشية الدولة،غير المعنية بالموضوع، يحظر على القطاع العام تقديم أي شكل من أشكال الدعم التقليدي (إشتراكات ، إشهارات، دعم ) للصحافة الخاصة، في مقابل الإبقاء على مبلغ رمزي (200 مليون أوقية)  يمثل مجموع الدعم الحكومي للصحافة المستقلة منذ عدة سنوات ، رغم تزايد أعداد المواقع والصحف والمنظمات الصحفية ودخول الإذاعات والتلفزيونات على الخط للاستفادة من هذا المبلغ الزهيد، تتشعب الأزمة من خلال توقف المطبعة الوطنية عن سحب الصحف الحكومية والمستقلة، حيث تغيب الصحافة المكتوبة لأول موريتانيا عن المشهد الإعلامي الوطني منذ إقرار التعددية في دستور يوليو 1991 ومنذ إنشاء جريدة الشعب الرسمية منتصف السبعينيات من القرن الماضي. وهي أزمة يرجعها البعض بسذاجة وعفوية إلى “إفلاس المطبعة الوطنية” فيما يحاول آخرون تبريرها بانشغال الحكومة بأمور “أكثر أهمية” من “سلاح العصر”  أي الإعلام، بينما الواقع شيء آخر يدركه الإعلاميون تماما كما جرى التخطيط لرسم ملامح هذا المشهد القاتم.

 

وقبل توقف الصحف بأسابيع، توقفت، وفي وقت واحد، جميع القنوات والتلفزيونات الخاصة، لأنها “لم تسدد مستحقات شركة البث” قبل ان تعود قناة “المرابطون” أياما قبل مؤتمر حزب تواصل الإخواني، “الذي لن يجد تغطية مناسبة من القنوات الرسمية”، بينما تبقى القنوات الأخرى التلفزيونية والإذاعية متوقفة إلى إشعار آخر لتلتحق بها الصحف الرسمية والمستقلة في مشهد مريب يعكس حالة غير مسبوقة من التعاطي الرسمي السلبي مع الإعلام في موريتانيا.

 

ورغم أن الحكومة تستطيع بوسائلها المتاحة حل كل هذه المشاكل دفعة واحدة وفي وقت وجيز قد لا يتعدى أسبوعا او حتى تفاديه قبل وقوعه إلا أن هناك من يتهم حكومة معالي الوزير الأول بتنفيذ “سياسة رسمية”  للقضاء على الإعلام الوطني وإسكاته، بل ويرى أصحاب هذا الرأي أن هناك محاولات جدية لإسكات المواقع الالكترونية الأقل تكلفة وربما يتم ذلك من خلال  “مواصلة مسيرة تمييع حقل الصحافة الالكترونية الخاصة” بوسائل شتى حتى تفقد كل مصداقيتها.

 

لم تشكل الحكومة “خلية أزمة” لــ”انتشال الحقل الصحفي” من هذه الأزمة، بل ولم تسع لإيجاد أي حل ، سواء بالنسبة لأزمة اختفاء الصحف الرسمية  أو المستقلة،ولا حتى القنوات الإذاعية والتلفزيونية ، ولا لتوقف خدمات المطبعة الوطنية، وهو ما يشي بحالة تذمر شديدة لدى صناع القرار من الصحافة عموما والمستقلة منها على وجه الخصوص ، حيث “أساءت  الصحف الالكترونية والورقية إلى الحكومة وإلى شخص رئيس الجمهورية في مناسبات عديدة” وبالتالي فلا بأس إذا تم تقليم أظافرها على هذا النحو.

 

ورغم محاولات مهنيي الصحافة المستقلة الرامية إلى تنظيم الحقل وتنقيته وتقنينه، عبر تنظيم ملتقيات عامة للصحافة وخروجها بتوصيات متميزة، إلا أن التجاوب الرسمي مع تلك النتائج يبقى يراوح مكانه، تارة بحجة عدم استلام وثائق نتائج الملتقيات وتارة بحجة إيداعها بتأريخ قديم، وهو ما يعني أن على “لجنة قضايا الصحافة” التي تمثل أبرز الهيئات الصحفية الفاعلة ان تواصل تجلدها ومثابرتها من اجل انتشال حقيقي للصحافة من هذا الواقع المتردي وغير المسبوق.

 

ومع ذلك كله يبقى المهنيون مصممون على تجاوز كل الصعاب ومواصلة مسيرة العمل في هذه الظروف الاستثنائية حتى يتم تحقيق ما يتطلعون إليه من خلال غد مشرق تسود فيه المهنية وتجد الصحافة فيه متنفسا وحرية يتطلع إليها الجميع وبدعم من الجميع.

 

المصدر :التواصل

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى