مقالات و تحليلات

هل هي بداية حرب تقسيم سوريا أم نهاية مشروع الفوضى؟ / عمر نجيب

هل هي بداية حرب تقسيم سوريا أم نهاية مشروع الفوضى؟ إسرائيل تحذر من تكرار تجربة كوريا الشمالية في المنطقة العربية

عمر نجيب / كاتب وباحث مغربي

الصدى – متابعات/

مع إقتراب الربع الثالث من سنة 2017 من نهايته تبين لغة الأرقام والخرائط أن الحرب شبه الدولية الدائرة على أرض الشام منذ شهر مارس 2011 توشك أن تضع أوزارها بترجيح كفة الجيش العربي السوري وحلفائه وفي مقدمتهم روسيا وحزب الله اللبناني، كما أصبح من المسلم به لدى غالبية المحللين ومصادر الرصد أنه لن يمكن تبديل هذا التوجه سوى بتدخل عسكري مباشر وكثيف من جانب الولايات المتحدة وحلفائها وفي مقدمتهم تركيا العضو في حلف شمال الأطلسي وإسرائيل.

تواجه الإدارة الأمريكية برئاسة دونالد ترامب ضغوطا خارجية وداخلية كثيفة للتدخل عسكريا ضد الجيش السوري وحزب الله اللبناني، ضغوط داخلية من جانب صقور البنتاغون والمحافظين الجدد الذين لا يريدون أن يتكبد مشروعهم للشرق الأوسط الكبير نكسة جديدة وخارجيا من جانب إسرائيل وبعض حلفاء البيت الأبيض الذين يقدرون أن هزيمة مشروعهم في سوريا ستجلب الوبال عليهم.

الكيان الصهيوني أحد أكثر الأطراف المناهضةعلنا لتطور مسار الصراع لصالح دمشق، وتعترف كذلك بأنها تلقت تحذيرات مباشرة من مغبة التدخل في الصراع العسكري.

إنذار مركب

يوم 5 أغسطس 2017 نقلت القناة الثانية العبرية عن نائب قائد قوة المراقبة العسكرية الروسية في الجنوب السوري، العقيد ألكسي كوزين، تحذيراً لتل أبيب من شن هجمات وضرورة التقيد بالتهدئة المتبلورة في سوريا. وتشير القناة إلى أن كلام كوزين، وهو أحد كبار الضباط الروس في سوريا، ورد في سياق لقاء مع صحافيين روس، لم يخل من عبارات واضحة جداً: “روسيا وضعت شرطاً لهذا الاتفاق بما يتعلق بإسرائيل، وهو إن كان لديها إسرائيل حرية عمل حتى الآن في سوريا، فإننا نأمل منهم أن يراعوا التهدئة في الجنوب السوري، وإذا قررت إسرائيل أن تهاجم بقرار ذاتي منها، فنحن الروس، كطرف ضامن لتنفيذ الاتفاق، نعرف كيف نعالج هذه المسألة ونعرف ما يجب القيام به».

وتضيف القناة العبرية تعليقاً على “تهديدات كوزين»، وبعبارات متهكمة على صانع القرار في تل أبيب، “قيل لنا” إن إسرائيل شاركت في بلورة الاتفاق بين الروس والأمريكيين من خلف الكواليس، وهي أوصت الجانبين روسيا وأمريكا، بتضمين الاتفاق مطالبها، وتحديداً إبعاد الجيش السوري وحزب الله عن حدودها، لكن يتبين من تفاصيل الاتفاق أنه لم يأت في مصلحة إسرائيل، والإشارات الواردة حوله ليست جيدة.

وتضيف القناة أيضاً أن إسرائيل أملت في موازاة انتشار القوات الروسية جنوباً، أن تبتعد قوات الجيش السوري وحزب الله عن الحدود، لكن يتبين أن ذلك سقط عن جدول الأعمال، والسوريون أعلنوا بشكل قاطع أنهم باقون هناك. و”باختصار، إسرائيل لم تنتظر هذا المولود”.

إلى ذلك، كان للعقيد كوزين مواقف أطلقها خلال جلسة للجنة اتفاق خفض التصعيد الروسية في مدينة البعث في محافظة القنيطرة قبل أيام، من شأنها أيضاً أن تثير قلق إسرائيل. قال كوزين إن إسرائيل كانت ضد نشر نقاط ومواقع المراقبين الروس شمال القنيطرة، وكان موقفها سلبياً، لكن جرى وضع النقاط باتفاقيات دول كبرى… وهذه الخطوات إيجابية لوقف الحرب في جنوب سوريا، ووجه نداء للمسلحين ورد فيه أن محافظة القنيطرة ستكون آمنة قريباً جداً، ولدى المسلحين مهلة زمنية محدودة لتسليم سلاحهم وأنفسهم للسلطات السورية، وتسوية أوضاعهم بضمانة روسية.

عودة اللاجئين

أحد أهم مؤشرات إقتراب الحرب من عملية استدارة ما ذكرته يوم 12 أغسطس 2017 منظمة الهجرة العالمية عن أن

حوالي 600 ألف سوري كانوا مضطرين للنزوح أو الهجرة إلى دول الجوار بسبب الحرب، تمكنوا من العودة إلى أماكن إقامتهم الأصلية، وذلك منذ بداية عام 2017.

وذكرت أوليفيا هيدون، المتحدثة باسم منظمة الهجرة العالمية، أن 84 بالمئة من العائدين إلى ديارهم في العام الجاري هم نازحون داخليا، فيما عاد 16 بالمئة من تركيا ولبنان والأردن والعراق. وبحسب المنظمة، فإن 67 بالمئة من العائدين منحدرون من محافظة حلب شمال سوريا.

لكن، رغم أن موجة العودة هذه تعد الأكبر من نوعها منذ اندلاع الحرب في سوريا، فإن عدد النازحين والمهاجرين الذين اضطروا إلى مغادرة منازلهم العام الجاري، يفوق عدد العائدين، إذ بلغ 808.6 ألف شخص.

وقالت المتحدثة باسم الهجرة العالمية إن العديد من هؤلاء النازحين والمهاجرين الجدد فروا من العنف والصراع للمرة الثانية أو الثالثة.

يشار إلى أن عدد العائدين خلال الأشهر السبعة الأولى من العام الجاري قريب من عدد العائدين خلال العام الماضي كله، والبالغ نحو 685 ألف شخص. ويقدر العدد الإجمالي للنازحين والمهاجرين في سوريا بأكثر من 6 ملايين شخص.

الصدام المباشر

نشرت صحيفة “نيزافيسيمايا غازيتا” يوم 9 أغسطس 2017 مقالا تحليليا للكاتب ألكسندر شاركوفسكي قدر فيه أن نهاية “دولة الخلافة” ستصبح بداية للحرب من أجل تقسيم سوريا. ويسلط شاركوفسكي، في مقاله، الضوء على تأكيدات الخبراء الغربيين بأن المواجهة المباشرة بين الولايات المتحدة وروسيا في سوريا هي مسألة وقت فقط.

ويقول في مقاله: سيطرت القوات الحكومية السورية على مدينة السخنة الاستراتيجية بالكامل، فيما يتواصل القتال لتحرير الرقة ودير الزور. وفي هذه الأثناء تنشر أنقرة قواتها على طول الحدود مع سوريا، وتستعد لاقتحام حدود جارتها الجنوبية من جديد. كما تستعد تشكيلات “روجا آفا” في كردستان السورية للمواجهة العسكرية مع الجيش التركي. بينما تبدي طهران قلقها الشديد بسبب تكثيف الاستخبارات الأمريكية نشاطها في المناطق الحدودية لكردستان الإيرانية.

وكانت صحيفة “الغارديان” البريطانية قد نشرت مقالا يتضمن توقعات خبراء بالغة التشاؤم بأن “الصراع على النفوذ في سوريا بين واشنطن وموسكو بعد انتهاء الحرب في هذه البلد، يزيد من خطر وقوع مواجهة عسكرية مباشرة بينهما، والتي يمكن أن تبدأ نتيجة لحادث طارئ… وفي مثل وضع كهذا، يصبح احتمال الصدام المباشر بينهما مسألة وقت ليس إلا”.

فواشنطن لا تنوي مغادرة سوريا قبل الحصول على مبتغاها، وإلا فسيتعرض نفوذ الولايات المتحدة في الشرق الأوسط للخطر، وهذا ما لن تسمح به الولايات المتحدة كنهاية لهذا الصراع الذي يستمر لعدة سنوات في سوريا.

وبعد أن أصيب البنتاغون ووكالات الاستخبارات الامريكية بخيبة أمل من المعارضة العربية المعتدلة، وضع كلاهما الآن الرهان على الكرد كقوة قادرة على التصرف بنشاط وحزم.

ولقد أصبح الكرد، الذين يكافحون من أجل حق تقرير المصير، بالنسبة إلى الولايات المتحدة أداة مثالية لتنفيذ المخططات الأمريكية في الشرق الأوسط. وقد أعلن قائد حرس الحدود الإيرانية العميد قاسم رضائي عن تفعيل نشاط الجماعات المسلحة الخارجة عن القانون في الشمال الغربي من إيران، وقال إنه “تم العثور على 30 من الخيول والبغال المحملة بشحنات من الأسلحة والذخائر والعبوات الناسفة”. والاضطراب يسود المنطقة الحدودية، ويزداد تسلل المسلحين من تركيا من حزب “الحياة الحرة لكردستان”. ويعتقد الجنرال الإيراني أن منظمة هذه العمليات هي الاستخبارات الأمريكية، من دون أن يرفع المسؤولية عن الجانب التركي الذي “لا يتخذ إجراءات للحد من تسلل المتمردين الكرد إلى الأراضي الإيرانية”. وتتهم طهران أيضا أذربيجان بتقديم المساعدة للمتمردين الذي يخرقون الحدود الإيرانية.

الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بدوره غير مبتهج لما يحدث، ولا سيما أن مخططاته لم تتضمن قيام دولة كردية مستقلة في جوار العاصمة أنقرة، حيث قال: “نحن عازمون بواسطة عملية “درع الفرات” على غرز الخنجر في قلب الإرهاب في سوريا وتوسيع حيز تطبيق عملية “درع الفرات”. وفي الوقت القريب سوف نتخذ خطوات جديدة في هذا الاتجاه”.

هذا، ويبدو بوضوح أن تضارب المصالح الذي يصعب إيجاد حل له قد طفا على سطح العلاقات التركية الأمريكية، كما يبدو ألا نية لدى واشنطن للتلاقي مع حليفها في الناتو. وفي المقابل، تخطط أنقره لحل المسألة الكردية عبر استخدام أسلوب القوة العسكرية القاسي، ما يعني أننا أمام موجة جديدة من الحرب.

تحذير إسرائيلي

يوم 13 أغسطس 2017 كثفت تل أبيب من توجيه التحذيرات إلى البيت الأبيض بشأن خسارته في المنطقة العربية، فقد كتب المحلل الصهيوني ايال زيسر المعروف بعكسه لتوجهات الحكومة الإسرائيلية في صحيفة “اسرائيل اليوم”: التوتر المتزايد في الشرق الاقصى والخشية من مواجهة عسكرية، تؤكد على الخطر الذي تشكله كوريا الشمالية بقيادة الرئيس كيم كونغ أون، على السلام العالمي. مصدر المشكلة هو أن كيم يسمح لنفسه بالتحرش بالقوة العظمى الاقوى في العالم وتهديدها هي وجاراتها، كوريا الجنوبية واليابان، بهجوم نووي. وبهذا يقوم بضعضع الاستقرار في جنوب شرق آسيا بسبب السلاح النووي الذي طورته كوريا الشمالية، رغم التصميم الذي أظهره المجتمع الدولي ضد هذه الدولة.

إن كل من يعزي نفسه بأن الحديث يدور عن ازمة موضعية، يجب عليه تذكر أن سرعة التقدم نحو مشروع الصواريخ البالستية بعيدة المدى في كوريا الشمالية، قد تؤدي الى نقل الازمة الى الشاطيء الغربي للولايات المتحدة، وليس فقط الى غوام.

لكن يجب الاعتراف بأن هناك منطق في جنون رئيس كوريا الشمالية، منطق فعل أي شيء من اجل الحفاظ على النظام وردع الاعداء والحفاظ على العزلة التي بفضلها يستمر في السيطرة على شعبه بقبضة حديدية. وليس صدفة أن كوريا الشمالية كانت مصدر الالهام لبعض الانظمة العربية في الشرق الاوسط. ومثال ناجح على قدرة النظام البعثي والرئيس والسلالة واجهزة الدولة على السيطرة لزمن طويل على الشعب، وفعل ما يشاء.

لكن الحديث لا يدور فقط عن مصدر للالهام، بل ايضا عمن تجند مرة تلو الاخرى في العقود الاخيرة لمساعدة زعماء المنطقة على السير في أعقابه. فهكذا كان صدام حسين في حينه، والرئيس معمر القذافي. ايران ايضا حصلت على المساعدات من كوريا الشمالية في موضوع تطوير الصواريخ بعيدة المدى التي بفضلها تهدد بعض المناطق في اوروبا. ولكن النظام في سوريا كان الاكثر قربا من كوريا الشمالية، وقد حاول بمساعدتها تطوير السلاح النووي الذي يمنحه الحصانة أمام محاولة اسقاطه.

كان هذا هو الدرس الذي تعلمه بشار الاسد بعد كل ذلك، ومن نجاح الولايات المتحدة في اسقاط نظام صدام حسين في العام 2003 ونجاح التدخل في ليبيا ضد معمر القذافي. وقد حاول صدام حسين ومعمر القذافي الحصول على القدرة النووية، لكنه تم كبحهما. وقد تنازل الرئيس الليبي ضد ضغط الغرب عن الخيار النووي مقابل تحسين علاقته بالغرب، تلك الدول التي خرجت ضده وساعدت المتمردين على اسقاطه في خريف 2011. أما النظام في كوريا الشمالية فقد تجرأ ونجح. واصبحت لديه قوة نووية، وأصبح محصن أمام أي تهديد داخلي أو خارجي.

من هنا يمكننا أن ندرك تصميم بشار الاسد في نهاية العقد الماضي على الحصول على السلاح النووي. ويمكن القول إنه لو تحقق هذا الامر لما تردد في أن يستخدمه. إلا أن القصف الجوي المنسوب لاسرائيل هو الذي أدى الى تصفية المشروع النووي السوري. يجب أن نتذكر أن بشار الاسد لم يقل كلمته الاخيرة بعد. واذا خرج من المعركة في سوريا ويده هي العليا، فسيعود بتصميم أكبر الى الخيار النووي، حيث ستكون كوريا الشمالية الى جانبه.

يتبين من كل ذلك أن ازمة كوريا الشمالية ليست ازمة في منطقة بعيدة لا صلة لها بالشرق الاوسط. الطريقة التي تتابع فيها وسائل الاعلام العربية هذه الازمة مع التشجيع العلني الكبير لكوريا الشمالية، تشير الى أن نتائج الصراع ستصبح حجر الزاوية في سياسة زعماء المنطقة.

اذا تراجعت الولايات المتحدة أولا، فان ايران وفي اعقابها سوريا، ستسارعان الى السير في اعقاب بيونغ يانغ والتجرؤ على واشنطن وحلفائها في المنطقة. ومثلما أشار درس كيم جونغ أون، فان من يتجرأ يفوز، وأن من يقف في وجه الغرب يستفيد.

حرب نفسية

التحذيرات المتبادلة في شأن الحرب على أرض الشام تزداد حدة موازاة مع تقدم الجيش السوري، يوم 13 أغسطس وبمناسبة ذكرى الإنتصار على إسرائيل في حرب لبنان سنة 2006 كرر الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله “أننا في زمن النصر”، محذراً العدو الإسرائيلي من كلفة شن أي حرب على لبنان، ومقلّلاً من أهمية التهديد بالعقوبات الأمريكية عليه. وفيما ربط بين نصر يوليو والنصر على الإرهابيين في الجرود الشرقية، دعا إلى التنسيق مع سوريا اقتصاداً وأمنياً

واختار الذكرى، ليوجه جملة رسائل إلى العدو الإسرائيلي، مذكراً إياه بتعاظم قدرة المقاومة وتهديدها لمفاعل ديمونا، وقرب انهيار المشروع المعادي لمحور المقاومة في المنطقة بشكل عام.

ولفت الأمين العام لحزب الله إلى أن المقاومة تزداد قوة وكل من راهن على سحقها خابت أماله، وميزة هذه المقاومة أنها وضعت أهدافا وطنية نصب أعينها. بحسب ما نقلته قناة “المنار” اللبنانية.

وبين نصر الله أن المقاومة اللبنانية تتميز بالإخلاص والصدق ولا تبحث عن تحقيق المكاسب السياسية.

واعتبر نصر الله أنه “لو لم يكن لدينا مقاومة جدية تقاتل في الميدان إضافة إلى الصمود السياسي لما أمكن تحقيق الانتصار، وفي كل وقت يتحدث فيه الإسرائيلي عن تعاظم قدرة حزب الله هو يعترف فيه بهزيمة العدو في عام 2006.

وأكد قائلا: أي قوات اسرائيلية ستدخل لا ينتظرها سهل الخيام ووادي الحجير كما في العام 2006 بل مضروبا بالمئات. معتبرا أنه سيلحق عار أشد بالإسرائيليين من الذي لحق بهم في العام 2006، “القصة ليست في العدد ولا الدبابات لكن القصة في الثبات وقلة من الرجال قاتلت رغم كثافة الغارات الجوية”.

واعتبر نصر الله في خطاب متلفز، وألقاه في المهرجان الذي يقام بمناسبة “ذكرى الانتصار الإلهي” في سهل الخيام بجنوب لبنان أن “الخيام” كغيرها من البلدات الحدودية وبلدات الداخل صمدت بالرغم من الغارات الجوية والقصف المدفعي ومحاولات التقدم، وكانت عين العدو على الخيام لقيمتها المعنوية وموقعها الجغرافي الحاسم لكن المقاومين في البلدة والأهالي سجلوا ملاحم عظيمة.

وفي سياق متصل أكد نصر الله أن بلاده تواجه حفلة تهويل أمريكية على الشعب اللبناني “وأتمنى أن لا يكون أحد من اللبنانيين شريكا في هذا التهويل”.

وأكد أن حزب الله قوة هدامة ومدمرة على المشروع الإسرائيلي في المنطقة وكل يوم يتأكد سقوط اسرائيل الكبرى، واعتبر أمين الحزب اللبناني أن الإرهاب هو أمريكا وإسرائيل والجماعات الإرهابية التي صنعتها الإدارة الأمريكية.

وقال: سنظل نزرع شجر أخضر عند الحدود وأدعو إلى زراعة الشجر أينما وجد مكان وذلك من أجل حماية البلد، الإسرائيلي يخاف اليوم من الشجر وهو يريد أن يكون العلم عنده والجهل عنا، ولقد انتهى الزمن الذي كان فيه الإسرائيلي يهدد وينفذ.

وأضاف الأمين العام أن إسرائيل هي الأكثر حزنا جراء الانتصار في جرود عرسال وفليطة، وإسرائيل وأمريكا تبكيان جراء فشل الجماعات الإرهابية في سوريا، والإسرائيلي وصل اليوم إلى الحضيض وشعبنا وصل إلى قمة القوة النفسية.

بموزاة مع تحذيرات نصر الله أكد نائب وزير الخارجية والمغتربين السوري الدكتور فيصل المقداد، أن ما يحققه الجيش العربي السوري وحلفاؤه في مواجهة الإرهاب اليوم يدعو للاعتزاز.

وأشار المقداد إلى أن “التقدم متواصل ولن يقف أمامهم شيء”، مشددا على أن سوريا مقبلة على مرحلة الانتصار إذ لا خيار لها إلا تحقيقه”.

وفي مداخلة له خلال لقاء مفتوح يوم 10 أغسطس مع وزير الإعلام السوري في مكتبة الأسد بدمشق، عبر المقداد عن ثقته بأن “سوريا ستبقى واحدة وهي غير قابلة للقسمة على الإطلاق وهذا الأمر مؤكد وحتمي وقال “نحن لا ندعو إلى وحدة سوريا فقط وإنما إلى وحدة الأمة العربية بكاملها”.

وشدد المقداد على أنه “ليس هناك مكون من الشعب السوري يريد تدمير سوريا إلا قلة ممن تورط مع الإرهاب”.

كما عبر نائب وزير الخارجية عن تفائله بعزيمة الشعب السوري ووجود الإصرار لدى الجيش العربي السوري على محاربة الإرهاب وبالتالي سيتحقق النصر بتضحيات الشهداء الذين رسموا بدمائهم مستقبل سوريا.

وأشار المقداد إلى أن العدو الذي تواجهه سوريا شرس ومازالت هناك دول تدعم الإرهاب، لافتا إلى أن داعمي الإرهاب اليوم بدأوا يوجهون الاتهامات إلى بعضهم ويفضحون تورطهم بهذا الدعم.

وختم المقداد مداخلته: إن سوريا وإعلامها الوطني منذ سبع سنوات كانت تحذر من خطر دعم الإرهاب من أطراف أجنبية واليوم نجد أن “سيدهم الأكبر أمريكا يطالب بالتوقف عن دعم الإرهاب”.

استراتيجيات ترامب في سوريا انهارت

أشارت تقارير صحفية أمريكية إلى أن استراتيجيات الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، تنهار بصورة كبيرة أمام روسيا.

ونشرت مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية مقالا تحليليا جاء فيه: الإدارة الأمريكية أدارت الحرب في سوريا بصورة “خاطئة” تماما.

ترامب اتخذ قرارا في بادئ الأمر بتسليح وحدات “حماية الشعب” الكردية السورية للهجوم على عاصمة تنظيم “داعش” في الرقة، ولكنها اكتشفت بعد فترة أن هذا الأمر سيكبدها خسائر فادحة بخسارة حلفاء استراتيجيين مثل تركيا، واضطرت لإيقاف برنامج الاستخبارات الأمريكية لتسليح الأكراد.

وقوت عملية التسليح تلك من شوكة الحكومة والجيش السوري، الذي حقق انتصارات كبيرة في محيط الرقة، كما ساهمت في زيادة الضغط الروسي على أمريكا للقبول بإنشاء مناطق تخفيف التصعيد في أكثر من منطقة.

ومضت الصحيفة قائلة “خيارات ترامب كانت دائما خاطئة، خاصة وأن وحدات حماية الشعب فشلت في تحقيق طفرة وانتصارات كبيرة، وقوت من شوكة القوات الروسية والسورية، خاصة وأن الرأي العام الأمريكي يشعر دوما بالقلق من نشر أي قوات في الشرق الأوسط.

ورغم أن استراتيجيات الولايات المتحدة يمكن أن تكون قد حيدت قوات الحرس الثوري الإيراني، ولكنها منحت الرئيس السوري، بشار الأس فرصة هدوء “ثمين” في الجنوب، وتعاون “مثمر” في الشرق.

وأشارت المجلة الأمريكية إلى أنه ما منح روسيا التفوق في سوريا، هو فشل ترامب المستمر في منافستها أو مناطحتها في تحقيق أي انتصارات أو إنجازات على الأرض في سوريا أو في محاربة “داعش”، وهو ما يجعلها مجبرة على التعاون مع “الكرملين”، وبشروط موسكو.

حرب أوسع

ترى أوساط أمريكية أن المواجهة مع روسيا على السحة السورية ليست سوى جزء من حرب أوسع تعرف غربيا ب”الحرب الهجينة”.

حسب تقرير لموقع ستراتفور الأمريكي نشر يوم 13 أغسطس 2017، فإن الحرب الهجينة هي وسيلة روسيا لتحقيق طموحاتها القديمة، التي تعود إلى عهد القياصرة، واستمرت في عصر الاتحاد السوفيتي، ولكن ما الحرب الهجينة؟

لم تعد الحرب كما كانت عليه. ربما لن يكون هذا أكثر وضوحاً مما هو عليه في الصراع الروسي المستمر مع الغرب للهيمنة، الذي يبدو الآن أنه يحدث في السر بقدر ما يجري في العلن.

فمع بزوغ فجر العصر الرقمي، انتقلت الصراعات بين القوى العظمى من أرض المعركة إلى الفضاء السيبراني، وهو ما احتضه الكرملين بأذرع مفتوحة، عن طريق شحذ قدراته في الحرب الهجينة.

قد يكون مصطلح “الحرب الهجينة” رائجاً هذه الأيام، لكنه موجود عملياً منذ عدة قرون. فقد ظهر في الحروب النابليونية، والثورات في جميع أنحاء الأميركيتين والحرب الباردة، بطريقة أو بأخرى من خلال الجمع بين التكتيكات التقليدية وغير التقليدية.

ولكن التطور الأخير للتكنولوجيا ووسائل الإعلام قد أعاد اختراع المفهوم.

تأليب الغرب ضد نفسه

وكان الكاتب الأميركي دوغلاس أوليفانت قد نبّه إلى أن السنوات الأخيرة أفرزت نوعاً جديداً من المجموعات المسلحة التي تمارس ضرباً جديداً من حرب العصابات، وتضم طاقاتٍ بشريةً متعددة المواهب، وسمَاها بالهجينة.

وصنف الكاتب، الذي كان ضابطاً في الجيش الأمريكي، كلا من تنظيم داعش وحزب الله اللبناني والمتمردين الأوكرانيين ضمن المجموعات المسلحة التي تشن “الحروب الهجينة”، فهي تستخدم خليطاً من التكتيكات القتالية التقليدية وأساليب حرب العصابات والحرب الدعائية، بينما اعتبر تنظيم القاعدة والمجموعات الأفغانية والعراقية التي حاربت الوجود الغربي ببلادها خارج هذا التصنيف، لافتاً إلى أن حزب الله، هو المجموعة التي تمتلك أكبر إجماع عالمي على تصنيفها ب”القوة الهجينة”.

وتقف روسيا في طليعة هذه الحركة، وفقاً لتقرير موقع ستارتفور.

فمنذ استعادة موسكو عافيتها بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، وعودتها إلى الظهور كقوة إقليمية في منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، استخدمت الحرب الهجينة استخداماً واسعاً كعنصر أساسي في استراتيجيتها الأمنية الوطنية، ولا سيما في تعاملها مع الغرب.

ولأنها لم تعد تمتلك القوة التقليدية الساحقة اللازمة لإرهاب منظمة حلف شمال الأطلسي، واستعادة الأراضي التي فقدتها في انهيار الكتلة السوفيتية، فقد اضطرت روسيا إلى اللجوء إلى وسائل أخرى لتعظيم قدرتها وتقليل نقاط الضعف لديها.

لقد ظهرت هذه الاستراتيجية بشكل كامل في أوكرانيا، حيث اعتمدت روسيا على عدة تكتيكات حرب هجينة في شرقي البلاد، الذي مزقته الحرب.

وقد نشر الكرملين قوات “الرجال الخضر الصغار”، التي يقول البعض إنها قوات روسية، على الرغم من أن موسكو زعمت أنها قوات محلية للدفاع عن النفس، فضلاً عن استخدام هجمات إلكترونية وحملات دعائية ضد الحكومة في كييف.

ولم تتوقف روسيا عند ذلك الحد، بل قامت بعمليات مماثلة ضد حلفاء أوكرانيا الغربيين بما في ذلك التدخل في الانتخابات الرئاسية الأمريكية والدول الموالية للغرب في المنطقة المحيطة بروسيا.

بل إن الحكومة الروسية ألمحت إلى عزمها على شنِّ هذه الهجمات قبل تنفيذها.

ففي مارس 2014، قبل أيام فقط من ضم روسيا للقرم، نشر مستشار الكرملين فلاديسلاف سوركوف قصة خيالية تحت اسمه المستعار، ناتان دوبوفيتسكي، واصفاً مستقبل الحرب. كتب فيها:

“كانت هذه أول حرب غير تقليدية. في الحروب البدائية في القرنين التاسع عشر والعشرين كان الشائع هو اشتباك الجانبين في القتال وحسب. دولتان، وبالتالي كتلتان من الحلفاء، الآن تتصادم أربعة ائتلافات، ليس اثنين ضد اثنين، أو ثلاثة ضد واحد، بل الكل ضد الكل”.

دوافع روسيا

على الرغم من أن الطريقة والحدة التي تستخدم بها روسيا الحرب الهجينة تطورت على مر السنين، إلا أن دوافعها لم تتطور عن الأزمان السابقة.

فبسبب موقعها الجغرافي، لطالما كانت الحدود الغربية لروسيا ضعيفة؛ إذ لا يفصل روسيا عن القوى الكبرى في أوروبا سوى السهل الأوروبي الشمالي الشاسع، والقليل من الحواجز المادية الأخرى؛ ونتيجة لذلك عادة ما كانت المناطق الحدودية الواقعة بينهما ساحات للصراع والمنافسة المستمرة.

تاريخياً، تبادلت روسيا وأوروبا المناورات السياسية والغزو العسكري في كلا الاتجاهين. من تقدُم نابليون في القرن التاسع عشر نحو موسكو إلى الغزو النازي للاتحاد السوفيتي ووصول السوفيت لاحقاً إلى ألمانيا خلال الحرب الباردة.

واستمر الكر والفر بين الجانبين، سعياً لتوسيع مجالات نفوذهما. أما صعود الولايات المتحدة على الساحة الدولية وانحيازها لأوروبا الغربية ضد روسيا، فقد زاد من شدة هذه المنافسة.

وعلى الرغم من أن نهاية الحرب الباردة أزالت التهديد المباشر للصراع العسكري بين روسيا والغرب، إلا أنها لم تلغ التنافس بينهما.

في الواقع، إن امتداد الاتحاد الأوروبي والناتو في العقود الأخيرة أعاد تذكير روسيا بالخطر الذي يقترب من أبوابها، الخطر الذي ربما يكون وجودياً.

وفي أواخر العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، بدأت روسيا في استعادة بعض مكانتها السابقة، ويرجع ذلك جزئياً إلى توطيد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لأركان السلطة، والانتعاش الاقتصادي الذي سببه ارتفاع أسعار النفط وانشغال الولايات المتحدة بالشرق الأوسط.

وتمكنت روسيا من استغلال انتعاشة البلاد الملحوظة، للتصدي لما اعتبرته تعدياً غربياً على محيطها.

ولكن نجاحها لم يدم طويلاً، فبين انتفاضة الميدان الأوروبي في أوكرانيا والعقوبات الغربية والتراكمات العسكرية، وجدت روسيا نفسها تكافح من أجل حماية مصالحها مرة أخرى. ومنذ ذلك الحين، بدأت التوترات بينها وبين الغرب في التصاعد، ما دفع موسكو للجوء إلى الحرب الهجينة بحثاً عن استعادة السيطرة.

وهكذا تعتزم روسيا استخدام مثل هذه التكتيكات، كوسيلة لتعزيز قوتها مقارنة بالغرب.

وتأمل موسكو فى إضعاف خصومها من خلال خلق حالة من عدم الاستقرار داخل الحكومات الغربية، وشق الصفوف بين الدول الأوروبية، مما يضعف التضامن عبر الأطلنطي ويعرقل اندماج الدول مع الغرب.

الأهداف الثلاثة

وتهدف كل هذه الجهود إلى تلبية ثلاثٍ من أهم الضرورات الاستراتيجية الروسية، حسب تقرير ستراتفور.

الأولى هي حماية مقاعد السلطة في موسكو وسان بطرسبرغ.

أما الهدف الثاني لروسيا، فهو إعاقة النفوذ الأجنبي في محيطها قبل محاولة تحقيق الهدف الثالث، وهو توسيع نطاق نفوذ الكرملين، وصولاً إلى الحواجز الجغرافية الرئيسية مثل سلاسل الجبال الشاهقة، أو منفذ على البحر المفتوح.

ولكن نظراً لوجود عدد قليل من هذه الحواجز في التضاريس المفتوحة بين روسيا وأوروبا، فليس هناك نهاية في الأفق، للشد والجذب المستمر بين موسكو والغرب في القارة الأوروبية.

ويرى تقرير ستراتفور أن روسيا لم تعد قادرة على استخدام نفس النوع من القوة العالمية التي امتلكتها في الحقبة السوفيتية، وبالتالي فإن الحرب الهجينة سوف تصبح على نحو متزايد أفضل خيار لتعويض نقاط ضعفها، وإضعاف قوة أعدائها.

 

المصدر:

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى