افتتاحية الصدىالأخبار

أباطرة الفساد .. شركاء التنمية الجدد …!!! (زاوية قلم رشاش) بقلم :محمد عبد الرحمن المجتبى

محمد عبد الرحمن المجتبى /رئيس التحرير

ما من شك في أن اللحظة التي تعيشها موريتانيا حاليا تاريخية و مفصلية وجوهرية ومحورية بامتياز

 

 لحظة تلقي بظلالها وتجلياتها المفعمة بالدلالات والمآلات  على حاضر وماضي ومستقبل المشهدين السياسي والتنموي.

 

لن أردد تعويذة الربيع العربي “هرمنا من أجل هذه اللحظة” لكي لا يستشف من ذلك إستبشار باعتقال أي كان ، سيما إن تعلق الأمر بفخامة الرئيس السابق السيد “أحد المشتبه بهم ” حسب إسمه الجديد المعتمد لدى النيابة العامة كما ورد في بيانها الأخير

 

 

لكن المكتوي بلهيب الردح السياسي والعبث التنموي  في هذا المنكب المنكوب بنخبه المتآمرة عليه لا يستطيع إخفاء إرتياحه لواقع وإيقاع المشهد التشريعي والقضائي الذي نعيش غمرة تطوراته وتجلياته هذه الأيام

 

فمن يصدق أن العدالة تأخذ فجأة مجراها  في حق أباطرة الفساد ، سراق أحلام و حليب الأطفال والنساء والشيوخ ، وعامة وخاصة سكان هذه البلاد الغنية ذات الشعب الفقير؟

 

من يصدق أن برلمان ولد عبد العزيز الذي صنعه بيده على مقاس المأمورية الثالثة ، هو الذي سيجرجر الرجل ورجاله الخلص ، الى مخافر الشرطة ، و دوائر القضاء وفضاءات المحاكم وربما الى سجون دار النعيم، وألاك”  وصلاح الدين”  و  ولاته ؟

 

من يصدق أن لجنة برلمانية هي الأولى من نوعها في تاريخ برلماننا الذي ” ما قال لا قط إلا في تشهده”،  تتمكن من إنجاز مهمة بهذا المستوى من الدقة والحساسية ،في وقت قياسي، لتنبش عبث ومسروقات عشرية ، لم يتدفق في موريتانيا عبر تاريخها من الموارد ما تدفق خلالها  ، سواء تعلق الأمر بموارد الدولة الذاتية ،  أو بالمساعدات والقروض الخارجية ، ولم ينعكس ذلك على تنمية البلاد ،  إلا بؤسا وتخلفا عن الركب التنموي والحضاري للامم والشعوب ، فيما ذهبت المليارات في جيوب رموز العشرية ، من هوامير المال العام ،  ومرتزقة “الكومسيون” وصماصرة  ديناصورات الفساد ، الذين ظلوا الى وقت قريب يتسكعون في شوارع و صالونات نواكشوط حفاة … ، واذا بهم اليوم يملكون ثروات هائلة  في وقت وجيز ولديهم شركات عملاقة  ، و لا أحد في هذه البلاد شهد تلك الليلة البيضاء التي جادت لهم السماء – واستثنتهم من عادتها  كعباد صالحين –  فأمطرتهم ذهبا و دولارا وحديدا وسمكا و و و…؟

 

 

ومن يصدق أن الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز مهندس الحرب على الفساد والمفسدين ، رئيس العمل الاسلامي صانع موريتيانيا الحديثة – ينام منذ عدة ليالي في غرفة صغيرة بدون مكيف على سرير حديدي بادارة الجرائم الاقتصادية بالادارة العامة للأمن الوطني ؟

 

من يصدق أن الرئيس غزواني الذي لم يلتزم في حملته الاتخابية الا بالتزام وحيد وهو وفاءه بالعهد ، هو الذي سيرمي ولد عبد العزيز في غياهب الجب ليسحب منه مسروقاته من المال العمومي التي تؤهله لدخول قائمة أثرى أثرياء العالم خاصة إفريقيا ؟

 

هل عاهد الرئيس ولد الغزواني نفسه على أن يعيد لموريتانيا مسروقاتها من عصابة “النشالين” هذه التي أتت على الاخضر والاصفر،  وهذا ما يعنيه بعبارته الشهيرة في خطاب الترشح “وللعهد عندي معناه”؟

 

أعتقد أنه بعد ما حصل يجدر بنا أن نضع حدا لموجة التشكيك التي يروج لها بعضنا بعفوية وبعضنا لآخر لمآرب أخرى من ضمنها إرباك الساحة السياسية وإشاعة الفحش السياسي ، وتبيض وجوه اللصوص من أكلة المال العام

 

ويجدر بنا أكثر أن نثق في صدق ومصداقية ما يجري ، ويحق لنا أن نحلم باستعادة بعض ما نهب من ثرواتنا وثروات أجيالنا القادمة

 

إن حجم المسروقات، الذي تتسرب بعض أرقامه الفلكية من ملاحق التقرير البرلماني ، ومحاضر الشرطة ، وحتى من واقع الثروات الطائلة المتجسدة في عمارات وشركات لدى لصوص العشرية في الداخل والخارج – حجم المسروقات هذا – حري بحل نسبة كبيرة من عجز بلادنا التنموي ، ولعلها تكون سابقة تزفها موريتانيا للبلدان الموبوءة أخلاقيا بالمفسدين وسراق المال العام لمجارتها وهي إنشاء “الوكالة الوطنية لتمويل مشاريع التنمية من جيوب المفسدين”

 

ولا شك أن مسروقات – كي لا أقول ممتلكات – أباطرة الفساد الذين هم حاليا تحت قبضة القضاء،  تؤهل هؤلاء بجدارة لأن يحتلوا مكانتهم المتقدمة ،  في صفوف شركاء التنمية الذين تعتمد عليهم موريتانيا في تمويل مشاريعها الانمائية ، وأعتقد جازما أن نسبة ضئيلة من مسروقات فخامة “المتشتبه به ” وحدها تكفي لتغطية موارد “برنامج تعهداتي” الذي أعلن عنه الرئيس غزواني كالتزام تنموي رائد لموريتانيا

 

المصدر : صحيفة الصدى الاسبوعية الصادرة بتاريخ 30 ذي الحجة 1441هـ الموافق 20-08-2020

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى