افتتاحية الصدىالأخبارمقالات و تحليلات

أخيرا .. الرئيس السابق أمام القضاء … ماذا بعد ؟ / محمد عبد الرحمن المجتبى

محمد عبد الرحمن المجتبى /رئيس التحرير

كثيرون شككوا في ما جرى ويجري منذ بداية الحديث عن إرهاصات تشكيل لجنة التحقيق البرلمانية ، وكثيرون واصلوا تشكيكهم في جدية تحقيق شرطة الجرائم الاقتصادية ، وكثيرون راهنوا أن “المسرحية” قد تكتمل كل فصولها سوى فصل مثول الرئيس السابق ولد عبد العزيز ورهطه أمام العدالة ، فهذا لن يتم أبدا ، فلن يتاح أبدا للشعب الموريتاني أن يرى من تلاحقهم تهم الفساد بتبديد المال العام والعبث بموارد وسيادة الدولة في ققص الاتهام وفي قبضة العدالة

حسب هؤلاء كل ما يجري مجرد سيناريوهات لمسرحية كبرى يجري تمثيلها في المشهد الدرامي الوطني والسيناريست الرئيسي “للمقلب” هو الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز والمخرج الرئيسي هو الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني ..والباقون مجرد فرقة (جوقة !!!) تمثيل يتفاوت عناصرها في أهمية الأدوار وهامشيتها ..

 ما يجري بعبارة أخرى مجرد خدعة كبرى وضحك على ذقون الشعب المطحون ، وأمر مرتب، مدبر بليل بين الصديقين الحميمين غزواني وعزيز…

هكذا يراد لعقولنا “المستصغرة” أن تفهم وتستوعب مجريات المشهد الضبابي الذي تعيشه البلاد منذ عدة شهور ، والذي – بغض النظر عن إختلاف الرؤى والتصورات حوله –  سيقلع بالبلاد لفضاءات أخرى سلبا أو إيجابا ، تطويرا وتعميرا أو  تخلفا وتدميرا ..

طبيعي جدا في حالة ملف كهذا يتعلق بمتهمين كهولاء أن يتم الترويج لأفكار محبطة تشكك في كل شيئ ،لاعتبارات عدة من بينها أن الجهات المستهدفة من مصلحتها قتل الأمل لدى المواطن العادي في استعادة ثرواته ، والاقلاع ببلاده لفضاءات التطور الازدهار ، وقد نشطت تلك الجهات خاصة في الفترة الأخيرة على مستوى شبكات التواصل الاجتماعية ، حيث تصدرتها بدعايتها المشككة ، والمغرضة في كل ما يتعلق بملف الفساد، وحتى في كل ما يتعلق بالنظام الحالي ، لدرجة التشكيك في قدرات النظام ورؤيته والحديث عن تردده وارتعاشه لحظة اتخاذ القرارات وعن نومه وأخيرا عن مرضه … إلى غير ذلك من دعايات البروباكاندا ( Propaganda)التي تابعنها خلال الفترة الاخيرة واستفحلت بعد مثول المشمولين أمام النيابة

ومما يدعم هذا الاعتبار أن النظام وهذه حيقية لا غبار عليها يفتقر لذراع سياسي قوي لديه رؤية سياسية واضحة ينافح عن مشروعه السياسي الكامل للنظام وعن هذا الملف بالذات الذي يعتبر أقوى وأخطر ملف قضائي بنكهة سياسية تعرفه البلاد منذ كينونتها السياسية قبل ستة عقود ، يضاف لغياب الذراع السياسي ، غياب خطير للذراع الإعلامي ، فهناك عجز وتخبط إعلامي جلي ، وحضور باهت على منصات وشبكات التواصل الاجتماعي ناهيك عن الصحف والمواقع ذات المصداقية وعن القنوات الفضائية المحلية والدولية (باستثناء الخرجة الاعلامية المريبة التي روج بها النظام لنفسه عبر صحيفة رسمية تابعة لدولة مجاورة)

في وضع كهذا لا نستغرب أن ترتهن الضبابية المشهد السياسي ككل ،مما يبرر تسرب الشكوك للراي العام في كل ما يجري ، والأخطر أن هذه الشكوك تحولت الى حقائق لدى بعض النخب المقربة من النظام في الوقت الذي تتصدر الدعاية الموازية المشهد تشكيكا وتشويها

بيد أنه على الرغم من كل ذلك شاهدنا الرئيس السابق ولد عبد العزيز ، وبعض رموز نظامه المقربين يمثلون أمام العدالة، وهو الحدث الذي نسف كل الدعايات والأراجيف السابقة ، لكن طبيعة التهم والأوامر القضائية زادت إرباك المشهد و ولدت المزيد من بواعث الحيرة وعدم اليقين ، فحسب أهل الإختصاص من توجه له هذه التهم الخطيرة ليس من الطبيعي أن يعود لبيته مكرما وكأنه عائد من رحلة صيد شاقة

واذا كان أصحاب الدعاية الموازية بلعوا ألستنهم الحداد بعد أن شاهد الراي العام الرئيس السابق ورهطه في قبضة العدالة ، فإن الأوامر القضائية بالرقابة المنزلية المشددة ، أعادتهم لتصدر المشهد بدعايات متضاربة يتحدث بعضها عن فشل الحكومة في اثبات التهم خاصة ضد الرئيس السابق ولد عبد العزيز الذي رفض الحديث والتعاطي مع النيابة ، ويتحدث بعضها الآخر أن فصل الظهور أمام العدالة كان ضروريا لكي تستدل الستارة نهائيا لكن بدون تصفيق وبدون إشعال الاضواء في القاعة ، تمهيدا لتسوية من تحت الطاولة تقضي بتسليم الفتات الذي رصدت النيابة مقابل التغاضي عن مليارات الدولارات في الداخل والخارج …

فمن  يصدق من إذا ؟ ؟ وهل بعد الفصل الأخير فصل آخر ؟؟

ماذا بعد؟

حفظ الله البلاد والعباد

 

المصدر : الصدى الاسبوعية الصادرة بتاريخ 15/03/2021

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى