فضاء الرأي

ارتسامات من وادي النيل../ الداه صهيب

الداه صهيب / ملحق بالرئاسة الموريتانية

.. ويعود الركب المظفر.. يعود محملا بالظفر والمكاسب الجلى لمصلحة الوطن العزيز..

كيف لا وقد سافر على اسم الله، ولمصلحة عباد الله، وكان حقا على الله أن لا يخذل ركبا حدت نجائبه العزيمة والإيمان والنية الحسنة..

كان حقا على الله أن يسافر هذا الركب على بركات الله..

على خطى الشناقطة الأولين تتبع الرئيس محمد ولد عبد العزيز مسيرة الأسلاف، وحطت الموريتانية للطيران في مطار شرم الشيخ، بسيناء، قريبا من الوادي المقدس، حيث ألقى موسى عصاه.

كان شباب العالم من القارات الخمس يومها يهرعون إلى “طوى” عل أن يلاقوا نورا يضيء لهم حيواتهم، في محيط جيو سياسي شديد القتامة والتوهج في آن.

وكانت التجربة الموريتانية في الاهتمام بمشاكل الشباب، ومعالجة اهتمامات الشباب، والانصات للشباب، نارا على علم بوادي سيناء العبق تاريخا، والذي يكتظ بآثار أقدام الأنبياء ومن سار على سيرتهم من عباد الله الصالحين.

يحدثنا التاريخ أنه كما كانت سيناء محضن “الطور”، وأرضية ابتلاءات أتباع موسى الخارجين للتو من صراع مرير مع فرعون، كانت أيضا متعبدا ومتحنثا لعشرات العباد والمتصوفة، وكانت مجالا لفتوحاتهم اللدنية، فلا غرابة إذا كانت مجالا لأفكار الشباب، قوة العالم الحية، لرسم غد أفضل لعالم رجاله الشباب.

قوبلت التجربة الموريتانية في مجال السياسة الشبابية باحتفاء منقطع النظير هناك، كما قوبل من باب أحرى قائد الركب الموريتاني إلى المجد محمد ولد عبد العزيز بما يستحقه من ترحيب يليق به وبموريتانيا العظيمة.

في سودان المجد والكبرياء على الطرف الجنوبي من وادي النيل المعطاء، كان للقاء نكهة وطعم آخر.

الرجل القادم من شنقيط يحمل على أساريره البشوشة قسمات ركب الحاج الموريتاني الذي مر من هنا ذات يوم، مخلفا هناك علما وعملا وذكرا طيبا وأبناء بررة وتواشجا دمويا بين شعبين لو تتبعنا قواسمهما المشتركة لضاقت بها طوال المجلدات.

تلقاه في الحضن الرجل، الذي ما تنكر يوما لأفضال الشناقطة، المشير عمر البشير، وكان عناق القتاد والنخل والعمائم البيض في السودان ومثلها في موريتانيا.

كفانا حديث البشير، وهو كاسمه حسن بشير، كما ضيفه كاسمه محمد وعزيزٌ؛ المؤونة، فقد أسهب في أيادي الشناقطة على السودان.

كيف لا ورفيق البشير في ثورة الإنقاذ ونائبه المرحوم الزبير محمد صالح هو رجل منا أهل شنقيط، تسنم والده الشريف محمد صالح الذي ينمى إلى الشرفاء الموريتانيين “آل أبي الحجارة” ذروة رئاسة البرلمان السوداني غداة الاستقلال.

السودانيون قوم كرام يقابلون ضيوفهم بالترحاب والإكرام والمودة، وينشرون موائدهم في الشارع في أماسي رمضان، ويرغمون السيارات المجتازة على التوقف قسرا لتناول الإفطار.. ذلك طبع عربي أصيل وعريق في دماء القوم.

لكن القوم أيضا ليسوا منافقين، ولو لم تكن موريتانيا تستحق هذا الترحيب لما كان.

في شوارع العاصمة المثلثة كانت العيون لا تخطئ لافتات كتب عليها بالخط العريض “مرحبا بالضيف الكبير محمد ولد عبد العزيز”.. على شفاه ووجوه مواطني السودان، وموظفي الفنادق وسائقي التاكسي وكل أهل السودان ارتسمت نفس العبارة ككلمة سر خلال أيام مقام الرئيس هناك.

حصيلة الزيارة من الاتفاقيات والمشاريع والبرامج التنموية كانت تليق بذلك الإرث الكبير من الوشائج والمروءات.

فخار رئيس الجمهورية بدا واضحا وهو يتجول في ورشات مصنع الطائرات السوداني، حيث عبر في لهجة إكبار وإعظام للإخوة هناك عن مشاعر الموريتانيين كلهم، حيث اعتبر أن مشاهدة مثل هذه المنجزات التي تحققت بأيد عربية إفريقية مبعث فخر واعتزاز، داعيا الشباب الموريتاني إلى الاستلهام من هذه التجربة، وهو من طالما حدا الشباب الموريتاني إلى الخلق والإبداع والابتكار.

وكما استلهم منا السودانيون الأشقاء فقها ومذهبا وتصوفا ومقرأ وسلوكا وممارسة، فإنه يحق لنا أن نستلهم منهم فكرا وصناعة.

جولة وادي النيل، كانت سَفرا أثبت وحدة التاريخ، رغم بعد الجغرافيا، وكانت صنعا للبنات مستقبل وضاء يخدم الأمة العربية وإفريقيا بصفة عامة ، وموريتانيا والسودان ومصر على وجه الخصوص، وهي كما كل رحلات الرئيس المظفرة ظفر في ظفر، ونصر مظفر يؤدي إلى نصر مظفر..

والله الحافظ والموفق.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى