الأخبارتقارير ودراساتفضاء الرأي

الأكاديمي الدكتور السيد ولد أباه يكتب عن الرئيس الفرنسي الراحل جاك شيراك ..صديق العرب وعدو جيسكار ديستان

الرئيس الفرنسي الراحل جاك شيراك الى جانب الرئيس الأسبق ولد الطايع خلال حفل استقباله في موريتانيا(صورة من النت تخدم النص)

توفي الرئيس الفرنسي الأسبق جاك شيراك .كان آخر جيل من الرؤساء الذين حكموا فرنسا بعد الحرب العالمية الثانية ،وقد ترك بصماته على الحياة السياسية منذ دخوله في حكومة الرئيس جورج بومبيدو الذي كان يسميه البلدوزر اعجابا بحيويته ونشاطه .كان دوره حاسما في نجاح وزير المالية التكنوقراطي جيسكار ديستان ضد رئيس حكومة بومبيدو وخليفته المواقع جان شبان دلماس، كما كان دوره حاسما في هزيمة ديستان عام ١٩٨١ بعد أن تآمر سرا مع فرانسوا ميتران ضد الرجل الذي كان رئيس حكومته في بداية عهده .
في شهادة نشرت مؤخرا يقول جيسكار ديستان ان المصالح الأمنية أخبرته قبيل الشوط الثاني من انتخابات مايو ١٩٨١ أن شيراك زار سرا ميتران واتفق معه على دعمه على الرغم من إعلانه الانحياز إلى ديستان ،وقد اختبر صحة المعلومة باتصاله شخصيا بمقر حزب شيراك مغيرا صوته وطالبا النصيحة في قرار التصويت ليفاجأ بمن يجيبه أن المرشح الحقيقي للحزب هو ميتران. ولقد زار ديستان الرئيس ميتران قبيل وفاته وبعد أن ترك السلطة فأقر له باللقاء السري ومضمونه .وهكذا ظلت القطيعة حادة بين ديستان وشيراك وظل الحقد بينهما قويا ممتدا رغم انتمائهما لنفس الخط السياسي .
اقترب شيراك كثيرا من ميتران وأصبح رئيس حكومته من سنة ١٩٨٦ إلى سنة ١٩٨٨ ( حكومة التعايش ) وترشح ضده عام ١٩٨٨ .في مقابلة مع ميتران قبيل انتخابات مايو ١٩٨٨ قال بخصوص شيراك انه شاب لامع وعنده ملكة سياسية حقيقية لكنه تعود على النجاح السهل ويحتاج الهزيمة التي تصنع رجال الدولة وسيحصل عليها قريبا .ذلك ما حدث ،نجح ميتران في الشوط الثاني من الانتخابات، ولا زلت أذكر كيف هزمه ميتران في النقاش الأخير قبل تنظيم الاقتراع عندما رد على طلب شيراك بأن لا يناديه بالسيد الوزير الأول لأنهما مرشحان متساويان ليس فيهما رئيس ولا وزير أول، فقال له ميتران :الأمر كذلك تماما ابها الوزير الأول.
ظهر من المعلومات الأخيرة أن ميتران الذي كان حيوانا سياسيا خطيرا دعم سرا شيراك في انتخابات ١٩٩٥ ضد المرشح الاشتراكي جوسبان الذي لم يكن ميتران يحبه .نجح شيراك في انتخابات مايو ١٩٩٥ رغم أن كل استطلاعات الرأي كانت تتوقع هزيمته ،كما نجح في انتخابات ٢٠٠٢ ضد مرشح اليمين المتطرف جان ماري لبان.
شيراك هو آخر الرؤساء الفرنسيين الذين عرفوا أفريقيا عن قرب وارتبطوا بأهلها، وكان قريبا من الناس ،يعانق كل من يلقاه ويخاطبه بالصديق…أذكر زيارته لموريتانيا في عهد الرئيس ولد الطايع وكيف خاطب عددا من مستقبليه بأنهم أصدقاء ومن بينهم المرحوم لمرابط ولد سيدي محمود والشخصيتين البارزتين أحمد ولد سيدي بابا وهيبة ولد همدي حفظهما الله .
كان شيراك أيضا صديقا للعرب ،وله مواقف تذكر في الموضوع الفلسطيني على نمط المواقف الديغولية الشهيرة.

نقلا عن صفحة الدكتور السيد ولد أباه 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى