مقالات و تحليلات

التعليم من خلال إمارات الساحل المتصالحه (ج.1) / المستشار : حبيب بولاد

المستشار : حبيب بولاد / خبير تحكيم دولي شاعر وكاتب إماراتي

لاشك أن مخاوف الاستعمار البريطاني لم تأت من فراغ .. فالتعليم من شأنه أن يخلق وضعا جديدا في المجتمع ليكون الأفضل من وضعه السابق .. في تقرير للمقيم السياسي في الخليج في عام 1951 يقول فيه ان دخول التعليم النظامي لكل من قطر والكويت والبحرين سيؤدي الى نشوء روح مضاده لبريطانيا بين المتعلمين .. ثم أضاف ان قلق الاداره البريطانيه حين قال السياسي البريطاني في الخليج “ان دخول التعليم في امارات الساحل المتصالحه هي على درجة من البدائيه تفرض علينا الابقاء عليها تحت اشرافنا المباشر كمحميات مستعمره لأطول فتره ممكنه”.

 أن مجتمع الامارات البدائي كان معبرا عن حقيقة الوضع في تلك الفتره بالانغلاق الذي وضعته وفرضته بريطانيا والرغبه في استمرار الأوضاع دون تغيير .. وفي حين وجدت ادارة الاستعمار البريطاني ان هذه الاوضاع باتت بالفشل و مرشحة للتغير ومن الضروري التكيف مع هذه المستجدات بدلا من الوقوف في وجهها .

بدأ التعليم النظامي في امارات الساحل كما كانت تسمى في ذلك الوقت بشكل فعلي عام 1953 أي بعد سنتين من تقرير السياسي البريطاني وكانت سرعة واضحه للتغييرات التي بدأت تفرض نفسها على منطقة الخليج وامارات الساحل .. وفي شهر مارس 1953 زارت اول بعثه كويتيه لامارات الساحل برئاسة مدير المعارف الكويتيه بطلب من حاكم الشارقه المغفور له الشيخ صقر بن سلطان القاسمي وعرض الوفد الكويتي الذي قام بزيارة الحكام وذلك للاتفاق على ان ترسل عدد من أبناء امارات الساحل للكويت لتعليمهم هناك .. الا ان الحكام اللذين رحبوا بذلك الاقتراح و أقترحوا بدلا من ذلك أن تقدم الحكومة الكويتيه دعما ماليا لانشاء مدارس في الامارات المتصالحه أو ارسال عدد من المعلمين لتدريس الطلاب بدلا من سفرهم والبعد عن أهلهم .. في هذا الشأن تعهد مدير المعارف الكويتيه بمحاولة اقناع الحكومة الكويتيه بهذا الاقتراح .. ووجدت مقترحات ارسال المعلمين الامارات بصدرا رحبا من الحكومة الكويتيه اللذين وافقوا على الفور على ارسال أول بعثه تعليميه الى الشارقه وذلك في نوفمبر عام 1953 وكانت هذه البعثه تتكون من مدرسين أثنين وهم من الجنسيه الفلسطينيه وتقدما للتدريس في الشارقه والعمل في مدرسه قائمه ومنهجها العلوم الدينيه واسمها الاصلاح والذي أسسها المرحوم محمد بن علي المحمود .. حينها ارسلت الحكومة الكويتيه المقاعد والكتب والقرطاسيه والادوات الرياضيه وكانت المدرسه تضم مابين 250 و 300 طالب وطالبه في العام الدراسي الأول وفي العام الثاني 1954/1955 أرسلت الكويت معلمه فلسطينيه لتدريس الطالبات هي شريفه البعباع ورحبوا المواطنين بحماس بقدوم التعليم الى منطقتهم والذي كان سببا رئيسيا في التغيير الذي شهده مجتمعهم .

هذه نبضات القلوب و هي تضحيات أبناء الامارات مع الحياة وظروفهم القاسيه في تلك الفتره بالاضافه الى عدم توفير أي نوع من الخدمات أو أي مظهر من مظاهر الرفاهيه هذه هي طبيعة الروح الاماراتيه ومازالت تشارك التضحيات بينهما للرقي والازدهار ..

 وللحديث بقيه . 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى