مقالات و تحليلات

التفاوض في حق الحياة …/ بقلم المفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي

معالي الأستاذ علي محمد الشرفاء الحمادي/ كاتب ومفكر إسلامي ، مدير ديوان سابق للرئيس الاماراتي الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان

 أبشع صور الخداع والتآمر على مصر والسودان

إنه لمن المستغرب أن يفاوض الإنسان على حقه في الحياة، وأن يستطيع المغتصبون حقه في مياه النيل شريان الحياة للشعبين المصري والسوداني منذ عشرات الآلاف من السنين، أن ينجحوا في تحويل حقه في الحياة إلى مفاوضات هبلة خبيثة الأهداف سيئة النوايا لخدمة قوةً شريرة، يخطط لها الصهاينة لسرقة حق الحياة من مصر والسودان، ويحولون تلك القضية الخطيرة من استحقاق مياه النيل إلى قضية تشغيل سد النهضة.

 

وهو في تصوري يشكل أبشع صور الخداع والتآمر على مصر والسودان، كما أن ما يحدث من استدراج الدولتين إلى فخ يحققون به نواياهم ويجنون في نفس الوقت ميزتين، هما:

 

أولاهما؛ حجب شريان الحياة وسلب حق الحياة للشعبين المصري والسوداني، بوقف تدفق مسار النيل عن مجراه، مما سيؤدي إلى الإضرار بالحياة للشعبين السوداني والمصري، ويشكل تهديداً خطيراً على حياة مائة وخمسون إنسان في مصر والسودان.

 

ثانيهما؛ الاحتمالات التي كتبتها تقارير علمية من مؤسسات دولية بانهيار سد النهضة، وهو أيضاً سيشكل خطورة في إغراق الخرطوم عاصمة السودان، وآثاره التدميرية على الشعب المصري.

 

ففي كلا الحالتين الخطر واقع والتهديد حقيقي والقلق من المأساة، وما سيسببه السد بتعنت رئيس الحكومة الإثيوبية، الذي لا يرغب على الإطلاق بتحقيق الاتفاق مع مصر والسودان، لأنه ينفذ خطة سرية لتحقيق أهداف شيطانية، سبق وأن عاشها الصهاينة منذ أكثر من ألفي عام، لتحقيق رغبتهم في الانتقام من مصر، وليس الموقف الإثيوبي نابع من مصلحة الحكومة الإثيوبية لصالح الشعب الإثيوبي.

 

وأود هنا أن أوضح معلومة مغلوطة منذ متى كان مجلس الأمن عادلاً مع الدول العربية؟، ألم يصدر قراراً (٢٤٢) بانسحاب إسرائيل من الأراضي العربية التي احتلتها قبل ٥ يونيه عام  ١٩٦٧م، بالرغم من مرور 45 سنة على إجماع أعضاء مجلس الأمن على إصداره، فكيف يمكن أن تكون توصية مجلس الأمن ملزمة للأطراف المتنازعة إثيوبيا والسودان ومصر؟ ومتى كانت التوصيات منذ إنشاء مجلس الأمن ملزمة؟ وما هي آليات الإلزام على اتفاق لم يعرف أن تحقق؟

 

أليست تلك مغالطة لحقيقة تاريخية ومواقف سابقة لمجلس الأمن، وأن مجرد إحالة شكوى مصر والسودان إلى الاتحاد الإفريقي، الذي يقوم بدوره أيضا في معزوفة موسيقية مشتركة مع مجلس الأمن، أليس ذلك الموقف استهلاك للزمن لتحقيق الهدف الشرير من مصادرة حق المياه للشعب المصري والسوداني!

 

هل المشكلة مع إثيوبيا قضية فنية لكيفية التعامل بتشغيل السد أم قضية مصيرية، وحق مكتسب من عشرات الآلاف من السنين بتغذية نهر النيل لمصر والسودان؟

 

فلماذا لا تطالب مصر والسودان مجلس الأمن بأن الإجراءات الأحادية من مصادرة حق الحياة للشعبين في الدولتين، هو اعتداء صارخ على حقوق تاريخية قبل وجود بريطانيا للوجود وقبل التاريخ، بالإضافة للاتفاقيات المبرمة في القرن التاسع عشر؟

 

لماذا لا يعتبر التهديد الإثيوبي لحياة الملايين من الدولتين تهديدًا للأمن والسلم الدوليين، ليصدر مجلس الأمن قرارًا صريحًا يسجل فيه موقفًا عادلًا لحصص المياة أن لا تمس تحت أي مبرر من قبل إثيوبيا، بموجب البند السابع الذي يمنح مجلس الأمن حماية الحقوق المائية بالقوة القاهرة؟

 

ذلك هو المطلوب في المرحلة الحالية بعد ضياع أكثر من ست سنوات في مناورات المفاوضات، وعلى ماذا التفاوض؟ ومتى كان التفاوض على حيلة الملايين من البشر، وعلى الحق الإلهي الذي منح الناس المياه للحياة والتنمية؟

 

فكفاهم عبثًا بمستقبل الشعوب العربية، وكفاهم تدميراً لعدة دول عربية، لتحقيق أمن الصهاينة على حساب مئات الملايين من الشهداء، والخسائر المادية بالتريليونات التي كانت من الممكن تحقيق النهضة والتقدم للشعب العراقي والسوري والليبي واليمني.

 

وكفانا خجلًا من مواجهة مصير تدميري يهدد الأمة العربية، ويجعل مصير شعار الأمن القومي العربي، مهزلة ولعبة خبيثة تحقق للقوى الشيطانية مآربها، وما تخطط له من أهداف شريرة..

 

اللهم قد بلغت، اللهم فاشهد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى