الأخبارعربي و دولي

السودان: ملء سد النهضة الثاني تهديد لنا ونأمل استئناف المحادثات

وزير الري والموارد المائية السوداني ياسر عباس – AFP

دبي-الشرق

أكد وزير الري والموارد المائية السوداني ياسر عباس، الخميس، أن القرار الإثيوبي بالبدء في ملء سد النهضة للعام الثاني على التوالي، يشكل تهديداً للسودان، معرباً عن أمله بأن “تقبل أديس بابا اقتراح الخرطوم باستئناف المحادثات بشأن السد في أقرب وقت ممكن”.

 

وبيّن عباس في رسالة لنظيره الإثيوبي بيكيلي سيليشي ونقلتها وكالة الأنباء السودانية “سونا”، أن “أديس بابا قررت ملء السد للسنة الثانية فعلياً في الأسبوع الأول من مايو الماضي، وذلك عندما قررت مواصلة تشييد الممر الأوسط لسد النهضة”.

 

كلفة اقتصادية “فادحة”

وأضاف: “من الواضح أنه عندما يتجاوز تدفق المياه سعة البوابتين السفليتين، فسيتم تخزين المياه إلى أن يمتلئ السد وتعبر المياه من فوقه في نهاية المطاف”، مشيراً إلى أن “المعلومات التي قدمتها بشأن الملء للسنة الثانية ليست ذات قيمة تذكر بالنسبة للسودان الآن، بعد أن تم صنع أمر واقع أعلى سد الروصيرص”.

 

وأكد عباس أن بلاده اتخذت “تدابير كثيرة للحد من الآثار الاقتصادية والاجتماعية السلبية المتوقعة للملء الثاني الأحادي لسد النهضة، وهي لن تخفف إلا القليل من التداعيات السالبة على التشغيل الآمن لسدودنا الوطنية”.

 

وأشار عباس إلى أن الوضع الحالي “يتعارض بشكل مباشر مع مبدأ التعاون وعدم تسبيب ضرر ذي شأن المنصوص عليهما في مبادئ القانون الدولي للمياه، حيث إن تدابير الحد من الأضرار التي اتخذها السودان بسبب عدم تعاون إثيوبيا ذات كلفة اقتصادية واجتماعية فادحة”.

 

وتابع: “إن ملء وتشغيل سد كبير مثل سد النهضة من دون إجراء دراسات أساسية وضرورية جداً لتقييم الأثر البيئي والاجتماعي يعد انتهاكاً مباشراً للممارسات والأعراف الدولية المستقرة في بناء وتشغيل السدود الضخمة”.

 

تبادل المعلومات

وحول العرض الإثيوبي لتبادل البيانات، قال وزير الري السوداني إن “السودان يشترط أن يتم تبادل هذه البيانات في إطار ملزم قانوناً يخاطب مخاوف السودان، بما في ذلك شروط سلامة السد ومتطلبات إجراء تقييم للآثار البيئية والاجتماعية”.

 

ولفت عباس إلى أن إثيوبيا نفسها اتخذت موقفاً مماثلاً في رسالتها للسودان في 7 ديسمبر الماضي، والتي نقلت للسودان الحاجة إلى إبرام اتفاق من أجل تبادل المعلومات بين الدول ذات السيادة”، بحسب وكالة “سونا”.

 

وأعرب عباس في رسالته عن أمله بـ”إخلاص أن تقبل إثيوبيا اقتراح السودان باستئناف المحادثات بشأن سد النهضة في أقرب وقت ممكن، على أن تكون مفاوضات فعالة ومجدية، لذلك اقترح السودان مفاوضات معززة يقودها الاتحاد الإفريقي ومجموعة من الكيانات الدولية والإقليمية لدعم التوصل إلى اتفاق ودي”.

 

الدعم الأميركي

وفي الإطار، طلبت وزيرة الخارجية السودانية مريم صادق المهدي خلال لقاءها المندوبة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة ليندا غرينفيلد، الخميس، أن “تقوم واشنطن من منطلق تأثيرها وعضويتها الدائمة، بدعم مطالب السودان العادلة في مجلس الأمن الدولي في ما يتعلق بملف سد النهضة الإثيوبي”.

 

ونقلت وزارة الخارجية السودانية في بيان عبر صفحتها على “فيسبوك” عن غرينفيلد تأكيدها “وقوف الولايات المتحدة مع الموقف السوداني في ما يتعلق بالحاجة إلى تعزيز العملية الإفريقية”، مشيرةً إلى أنها تعترف “بعدالة ووجاهة مطالب السودان”.

 

وأكدت ليندا، بحسب البيان، أن واشنطن “تدرس مختلف الخيارات بشأن الوثيقة التي يمكن أن يخرج بها المجلس عقب اجتماعه اليوم”.

 

اجتماع مجلس الأمن

ومن المقرر أن يجتمع مجلس الأمن، في وقت لاحق الخميس، للاستماع إلى وزير الخارجية المصري سامح شكري ووزير الخارجية السوداني ووزير المياه الإثيوبي، إضافة إلى الدول الـ15 الأعضاء.

 

وستتم إحاطة كل من المبعوث الخاص بالأمم المتحدة إلى منطقة القرن الإفريقي، بارفيه أونانغا أنيانغا، ومنسق البيئة بالأمم المتحدة، إنغر أندرسن، ودبلوماسي من الكونغو التي ترأس الاتحاد الإفريقي في دورته الحالية.

 

من جانبها، قامت تونس، المندوب العربي في مجلس الأمن، بتوزيع مسودة قرار تطالب مصر والسودان وإثيوبيا باستئناف المفاوضات، بدعوة من رئيس الاتحاد الإفريقي، والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، لوضع اللمسات الأخيرة لاتفاق ملزم قانوناً حول ملء السد وتشغيله، بحلول يناير المقبل.

 

ونصّت مسودة القرار على أن الاتفاق يجب أن يضمن “قدرة إثيوبيا على توليد الطاقة الكهرومائية.. مع منع الإضرار الجسيم بالأمن المائي لدول المصب”.

 

كما سيحث مشروع القرار إثيوبيا على “الامتناع عن مواصلة ملء خزان السد من جانب واحد”، كما سيدعو مصر والسودان وإثيوبيا إلى “التوقف عن إصدار أي بيانات، أو اتخاذ أي إجراءات من شأنها تهديد عملية التفاوض”.

 

مصر تدعم مشروع القرار

أعلن وزير الخارجية المصري أنه سيحضّ مجلس الأمن الدولي، خلال اجتماعه الخميس، على مطالبة مصر والسودان وإثيوبيا بالتوصل إلى “اتفاق ملزم” في غضون 6 أشهر بشأن سد النهضة.

 

وقال شكري في مقابلة مع وكالة “أسوشيتد برس”، الأربعاء، إن “مصر والسودان دعيا إلى عقد اجتماع لمجلس الأمن” في ضوء “التهديد الوجودي” لشعبي البلدين جرّاء السد الذي تبنيه إثيوبيا على النيل الأزرق.

 

وأضاف: أن 10 سنوات من التفاوض حول بناء السد “فشلت في ضمان استمرار تدفق المياه في اتجاه مجرى النهر بكميات كافية لكل من السودان ومصر”، مشيراً إلى أن قرار إثيوبيا بدء الملء الثاني لخزان السد “يمثل انتهاكاً لاتفاقية 2015 (إعلان المبادئ)”.

 

ولفت وزير الخارجية المصري إلى أن بلاده تدعم “هذا المشروع بالتأكيد، ونعتقد أنه قرار متوازن”، مضيفاً أنه “يُمَكن الدور المركزي لرئيس الاتحاد الإفريقي لإجراء مفاوضات بصيغة محسّنة” لإيجاد سبل لحل “المشكلات التي أعاقت وصول هذه المفاوضات إلى نتيجة”.

 

ووفق “أسوشييتد برس”، أمضى شكري عدة أيام في نيويورك للقاء جميع أعضاء مجلس الأمن، لتوضيح أن القرار يمثل دعوة لأقوى هيئة في الأمم المتحدة للعمل بمقتضاه “من أجل ضمان تحقيق الأمن والسلام الدوليين”، وهو هدف المجلس.

 

ونقلت عن شكري قوله إن “العنصر الرئيسي في هذا القرار واضح جداً، إذ إنه يشجع الدول على مواصلة حل صراعاتها بالطرق السلمية من خلال المفاوضات”.

 

 

وبسؤاله حول توقعه أي معارضة للقرار بين أعضاء المجلس، قال شكري إن مصر تعتقد أن الكثير من هذه الدول الأعضاء يدرك جيداً أهمية التوصل إلى حل لهذه المشكلة، “لذلك نحن نعتقد من حيث المبدأ، ومن حيث مسؤولية المجلس، أنه يجب ألا تكون هناك أي معارض”.

 

وأكد أن رسالته، الخميس، مفادها أنه “يجب أن تصل المفاوضات إلى نتيجة”. وأوضح أن القرار يقدم الطريقة المثلى لضمان استفادة إثيوبيا من السد لتعزيز تنميتها “مع تجنب إلحاق أي أضرار جسيمة بالسودان ومصر”.

 

“الدفاع عن إثيوبيا”

أما رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، فدعا في تغريدة على “تويتر”، جميع الإثيوبيين في الداخل والخارج، إلى “الدفاع عن إثيوبيا، من خلال الزراعة الشتوية والخدمة التطوعية والانتهاء من الملء الثاني لسد النهضة”.

 

وأضاف: “دعونا ندافع عن سيادتنا ودبلوماسيتنا، واحداً تلو الآخر، معاً وفي العديد من المجالات”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى