أخبار موريتانياالأخبارتحقيقاتصدى الملاعب

المرابطون.. قصة نجاح ولد يحيى ومارتينز بقيادة بطل الرسوم المتحركة

الصدى – نواكشوط /

في يناير 2013 احتل منتخب موريتانيا التصنيف 206 على العالم، متساويا مع المركز الأخير في تصنيف فيفا.كان المنتخب الذي يعرف بإسم “المرابطون” قد انسحب من تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2012، قبل أن يرفض اتحاد اللعبة المشاركة في تصفيات نسخة 2013 .

كانت موريتانيا هي واحدة من أضعف منتخبات القارة السمراء دون جدال.

 

وفي نوفمبر 2018 تأهل منتخب موريتانيا لنهائيات كأس الأمم الأفريقية 2019 للمرة الأولى في تاريخ البلد العربي الذي يقبع في أقصى شمال غرب القارة السمراء.

 

بين الفشل والانسحاب، والانجاز الذي يقترب من الإعجاز، قصة نجاح ورائها أسماء بارزة.. أحمد ولد يحيى، وكورنتين مارتنز، والكابتن بسام.

 

14 – صفر

 

كرة القدم بدأت في موريتانيا في ديسمبر 1961. خمس أعوام تقريبا لم يعرف فيها منتخب المرابطون سوى الهزائم، حتى حقق تعادله الأول مع تنزانيا في عام 1967. وفي عام 1972 دخلت موريتانيا تصفيات دورة الألعاب الأفريقية، كأول تصفيات لبطولة قارية كبرى يخوضها المنتخب، فقط ليخسر من مالي 11-0 ثم من غينيا 14-0. الفريق انتظر حتى أكتوبر 1980 ليحقق أول فوز في تاريخه، وكان على حساب مالي 2-1 في تصفيات كأس الأمم الأفريقية 1982.

 

سلسلة طويلة من الفشل حينا والانسحاب أحيانا أخرى، استمرت في مسيرة “المرابطون”، الإسم الذي اكتسبه منتخب موريتانيا من “الدولة المرابطية”، تلك الدولة التي سيطرت على شمال غرب القارة الإفريقية وحتى جنوب أوروبا بقيادة عدة أمراء أبرزهم يوسف بن تاشفين، في الفترة من 1056 وحتى 1147 ميلادية. ووصلت دولة المرابطين للسيطرة على الأندلس شمالا وحتى مالي وغانا جنوبا.

 

ثورة ولد يحيى

 

في يوليو من عام 2011، فاز رجل الأعمال الشاب أحمد ولد يحيى برئاسة الاتحاد الموريتاني لكرة القدم بعد فوزه في الانتخابات على مولاي ولد عباس. رئيس اتحاد رجال الأعمال الشباب البالغ من العمر 35 عاما وقتها (مواليد يناير 1976) استقال من رئاسة نادي نواديبو الذي أسسه بنفسه في عام 1999 ليتولى رئاسة الاتحاد الموريتاني، التي وصل لها ببرنامج طموح، وصفه بعض الموريتانيين بأنه “خيالي لأقصى درجة”.

 

الإخفاق الكروي في بداية مشوار ولد يحيى كان طبيعيا، فالرجل تسلم تركة ثقيلة للغاية وفريق لا يعرف سوى ذيل الترتيب في أي تصفيات يدخلها، ناهيك عن الانسحاب أساسا من بطولات أخرى.

 

“إن الخمول الذي تعاني منه كرة القدم الموريتانية ليس قدرا محتوما حتى نستسلم له، ولكنه مرض يحتاج إلى علاج”. أحمد ولد يحيى في 29 يوليو 2011 عند فوزه برئاسة الاتحاد الموريتاني.

 

لكن ولد يحيى أصر على المضي قدما في برنامجه، وكانت البداية بتأسيس منتخب خاض تصفيات بطولة الأمم الأفريقية للمحليين 2014، ليفاجئ الجميع بالتفوق على ليبيريا ثم السنغال والتأهل للبطولة المخصصة للاعبين المحليين للمرة الأولى في تاريخ موريتانيا، كأول بطولة كبرى يشارك بها المرابطون.

 

أول الغيث

 

خاضت موريتانيا بطولة الأمم الأفريقية للمحليين وخرجت من الدور الأول. لكن الثقة كانت قد بدأت تعرف طريقها للمرابطين. هنا قرر ولد يحيى التعاقد مع المدرب الفرنسي كورنتين مارتينز. لاعب الوسط السابق ذو الأصول البرتغالية سبق له تمثيل منتخب فرنسا في يورو 1996، وخاض أكثر من 600 مباراة كلاعب بقميص أندية بريست وأوسير وستراسبورج وبوردو الفرنسية، بالإضافة لديبورتيفو لاكورونيا الإسباني، كما مثل منتخب الديوك في 14 مباراة دولية في الفترة من 1993 إلى 1997. وبعد اعتزاله لم تكن مسيرة مارتينز التدريبية واعدة، حيث اكتفى بتدريب فرقا للشباب والناشئين، والعمل مدربا مؤقتا لنادي بريست في أكثر من مرة. لكن ولد يحيى وجد في خطط الرجل بعيدة المدى أمرا مناسبا لكرة القدم في بلاده.

 

ومع مارتينز تعاقد ولد يحيى مع الإسباني باكو فورتيس في منصب المدير الفني للاتحاد الموريتاني، وكان دوره هو وضع خطة بعيدة المدى لاكتشاف المواهب الكروية داخل وخارج موريتانيا.

 

وبدأت الخلطة الفرنسية الإسبانية تؤتي ثمارها، ليتجاوز المنتخب الدورين التمهيدي والأول في تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2015 قبل الخروج من الدور الثاني على يد أوغندا. ثم انتصار تاريخي على جنوب أفريقيا وخسارة بصعوبة بالغة من الكاميرون في تصفيات نسخة 2017، واحتلال المركز الثاني في المجموعة بعد الكاميرون وقبل جنوب أفريقيا وجامبيا. ثم تأهل ثاني في التاريخ لبطولة الأمم الأفريقية للمحليين في 2018 بالمغرب. قبل ذلك خسارة بصعوبة بالغة أمام تونس في الدور الأول من تصفيات مونديال روسيا 2018.

 

تصنيف المنتخب الموريتاني قفز في يوليو 2017 ليحتل المركز 81 عالميا، وهو المركز الأفضل في تاريخه، ليقرر ولد يحيى والاتحاد الموريتاني تمديد تعاقد مارتينز حتى عام 2019، مع بداية مشوار الفريق في تصفيات كأس الأمم 2019. ولد يحي نفسه توج في عام 2017 بجائزة “قائد العام” من الاتحاد الإفريقي لكرة القدم “ماف” بوصفه أفضل رئيس اتحاد في القارة السمراء. وأثبت الرجل أنه يستحق.

 

مشوار تصفيات 2019 سيبقى للأبد في ذاكرة أبناء موريتانيا، بعدما توج في نهايته بالتفوق على منتخبات بوركينا فاسو وأنجولا وبوتسوانا والتأهل لنهائيات كأس الأمم الأفريقية للمرة الأولى في تاريخ البلاد.

المصدر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى