أخبار موريتانياالأخبارتقارير ودراسات

النص الكامل لتقرير منظمة “شيربا” الفرنسية الذي أغضب الحكومة الموريتانية

المالية العامة فيما يتعلق بالشراكات بين المؤسسات المالية للروابط و تكتلات البنوك و الشركات الصناعية، الأمر الذي قد يؤدي إلى مخاطر كبيرة و استنكر البنك الدولي أيضا تسيير القطاع العام واصفا إياه بأنه “عبء” بالنسبة للاقتصاد في موريتانيا يقول :

“لقد نمت هذه المؤسسات التي يديرها المقربون من الرئيس وأصبحت حوالي 150 مؤسسة تتلقى التحويلات التي تمثل الآن 17 في المائة من النفقات، ولكن لا توجد سوى معلومات قليلة جدا لتقييم أدائها من حيث تقديم الخدمات أو الكفاءة التشغيلية. وتمثل هذه الكيانات خطرا وتهديدا كبيرا لللسياسة المالية العامة. […] لدى العديد من هذه الشركات المملوكة للدولة مستوى مرتفع من التعتيم، ولا يزال من الصعب جدا الحصول على بيانات دقيقة عن الوضع المالي الصافي أو مساهمة هذه الكيانات في الاستثمارات العامة. وخلصت دراسة أجراها البنك الدولي مؤخرا إلى أن عدد الوكالات قد ازداد منذ عام 2010، وأن الإعانات المقدمة إلى الشركات المملوكة للدولة والوكالات قد زادت زيادة حادة من 5.5 مليار يورو في عام 2005 (17.2 مليون دولار أمريكي). ) إلى أكثر من 70 مليار أوقية في عام 2013 (أو 240 مليون دولار أمريكي)، في حين أن الخدمات التي تقدمها هذه الكيانات لا تزال ضعيفة، والضوابط القانونية غير موجودة

واحدة من هذه المؤسسات العامة هي بالطبع الشركة الوطنية الصناعية والتعدين (سنيم) التي هي الوحيدة القادرة على الاقتراض من الخارج دون ضمان صريح من الإدارة المركزية. ووفقا لصندوق النقد الدولي،فقد ارتفع الدين الخارجي ل “سنيم” من 5٪ إلى 11.5٪ من إجمالي الناتج المحلي بين عامي 2010 و 2015. ومن المتوقع أن ينتهي من حوالي 70٪ من ديونه قبل عام 2021، ولكن المعلومات المنشورة المتعلقة بوضعه المالي محدودة و لا تبشر بخير. لأن بياناتها المالية لم تعد منشورة

نهب الميزانية العامة

وفيما يتعلق بميزانية الدولة، فإن الإجرئات التي ينص عليها القانون لا تحترم: فالكميات الكبيرة من الإيرادات والإنفاق العام (أساسا المشتريات العامة) هي بالتالي خارجة عن سيطرة البرلمان و محكمة. الحسابات.

ويحدث هذا النهب في المالية العامة أساسا من خلال المصرف المركزي الموريتاني الذي تمر عبره معظم التدفقات المالية للبلد.

و العديد من الإيرادات الأجنبية التي تجمعها إدارة استمرارية تصريف الأعمال نيابة عن الدولة لا تسجل في قانون الميزانية وتستخدم خارج إجرئات الميزانية؛ على سبيل المثال، منحة قدرها 50 مليون دوالر أمريكي تمنحها المملكة العربية السعودية لموريتانيا، والتي دعت المعارضة باستمرار إلى تحقيق شفاف بشأنها.

وتشكك المعارضة أيضا في مصير ال 2000 مليون دولار الذي تلقتها موريتانيا من ليبيا مقابل تسليم عبد الله السنوسي، رئيس المخابرات السابق للقذافي، إلى طرابلس، تحت رعاية مذكرة اعتقال دولية للمحكمة الجنائية الدولية و هو إيصال لم يسجل قط في ميزانية الدولة.

وهذه العمليات ليست حالات معزولة

وبصورة أعم، يبدو أن خطة استمرارية تصريف الأعمال قد تحولت تدريجيا من مهمتها الأولية في مجال الخدمة العامة (أي ضمان حسن سير النظام المالي في موريتانيا وتوازنه) لخدمة مصالح النظام القائم: وبالتالي، فإن الكثير من الموافقات المصرفية التي تمنحها مؤخرا هذه الأخيرة ما هي إلا ا عتبارات تفشي المحسوبية و يبدو أن هذه الاعتبارات نفسها هي مصدر التلاعب في أسعار الصرف التي تسير عليها إدارة تصريف الأعمال بانتظام وفي جميع المخالفات. وتتناقض هذه الممارسات صراحة مع الالتزامات التي تم التعهد بها للجهات المانحة الدولية

وتؤكد مختلف تقارير مراجعة الحسابات التي أجريت في السنوات الأخيرة العلاقات المضطربة التي يواجهها البنك الدولي مع الدولة الموريتانية ، و بالإستناد إلى تقارير مراجعة الحسابات عن السنوات المالية 2008 و 2009 و 2010 فقد أعربت مثلا إرنست ويونغ عن تحفظات جدية في تدقيق حسابات عام 2011 بسبب وجود مستحقات غير مستردة لمبالغ هائلة ومن المرجح أنها تخفي الوضع المالي الحقيقي (أكثر من 55 مليون يورو) ء يتعلق أكثر من نصفها بالتزامات صافي الحكومة غير المدفوعة لعامي 2010 و 2011 ء وهو ما يشير إليه مراجعو الحسابات ولا سيما حالة المطالبة على سونيمكس: مبلغ من الفائدة ما يقرب من 11 مليار أوقية (أكثر من 30 مليون يورو)، يعود هذا الادعاء إلى عام 2008؛ وهو التاريخ الذي قدم فيه البنك المركزي قرضا إلى المؤسسة الموريتانية للاستيراد والتصدير (سونيمكس) ء وهي شركة مملوكة للدولة الموريتانية بنسبة 51٪ ء لتمكينها من الحصول على المنتجات المستوردة بأسعار معقولة ولم يتخذ أي إجراء حتى الآن لتنظيم هذه المعاملات المختلفة.

إن مخالفات البنك المركزي الموريتاني الحالية لا تختلف عن السنوات 2001ء2005

ولا يمكن اعتبار جميع هذه الحالات نتيجة خلل بسيط في تسيير الشؤون وإدارة المالية العامة الموريتانية؛ لأنها تعكس عمليات نهب مدبرة بذكاء من خلال السلطة القائمة في مناخ عام يتسم بالانخفاض التدريجي لسيادة القانون

ارتفعت الإيرادات من الصادرات بنسبة 71٪. وكانت الإيرادات السنوية فقط من الموازنة العامة للدولة تضاعفت من 200 مليار أوقية إلى أكثر من 400 مليار. الاستثمار المباشر من الخارج قد ارتفع أيضا ليصل إلى 756 مليون دولار سنويا مبيعات سنيم زادت بنسبة 140٪ سنويا، وصادرات الثروة السمكية التي كانت 280 مليون $، ارتفعت في 2011ـــــــــــــــــــ2014 إلى أكثر من 400 مليون دولار في المتوسط سنويا.

بين عامي 2010 ومنتصف عام 2014، حصلت موريتانيا على قدرا كبير من عائدات الموارد الخارجية بلغ 17 مليار دولار (72 اليوم )

فكيف نشرح إذا مستوى الدين العام اليوم؟ تراجع أسعار المعادن، وارتفاع أسعار النفط وسوء إدارة الموارد العامة ليست كافية لتبرير الاقتصاد الموريتاني اليوم.

منذ وصوله إلى السلطة في عام 2009، وظف الرئيس محمد ولد عبد العزيز تدريجيا موارد البلد والأعمال و فوائد النمو لصالح مصلحته الشخصية و مجموعة من الأفراد أعضاء عشيرته و الكثير منهم عينهم في المناصب الرئيسية في الإدارة و الشركات التي تم إنشائها في السنوات الأخيرة

هذه الممارسات غير المشروعة تعفي كل الأغنياء الجدد من الضرائب ودفع الرسوم الجمركية أو تخيفضها إلى مبالغ زهيدة ، الأراضي و المدارس بيعت ببساطة عن طريق العشيرة الحاكمة لأقارب الرئيس، بما في ذلك التجار، في حين أن نسبة الأمية أكثر من 41٪

وضعت شيربا قائمة بجميع أقارب الرئيس الذين يشغلون مناصب المسؤولية في الدولة ويمكنهم، نظرا لمواقعهم، المشاركة في هذا النظام الهائل من افتراس الموارد.

و قد تحولت كتيبة الأمن الرئاسي في الواقع في رأي العديد من المستثمرين،إلى محتكر مباشر لتصاريح التعدين، وتراخيص الصيد، و منح الأراضي ومنح العقود وهذه الحالة لا تطاق على الإطلاق لأن هذه الهيئة لا تستمد شرعيتها من البرلمان ولا من الحكومة.

كما تستخدم كسلاح للتخويف أو حتى القمع ضد الشركات الاقتصادية المتنافسة (مصادرة العملات الأجنبية، وعدم تنفيذ أوامر التحويل، وما إلى ذلك). وينطبق الأمر نفسه على مديرية الضرائب العامة التي تقوم بإجرئات استرداد الضرائب المستهدفة في الوقت المناسب.

وبسبب تسييس المؤسسات القضائية في البلاد ومحاولات الرئيس تعديل الدستور للمحافظة على ولاية ثالثة، أصبح نظام “عزيز” مقفلا تماما الآن.

وعلى أية حال فإن مثل هذا التداخل للسلطة السياسية في مجال المنافسة الاقتصادية لا يمكن إلا أن يقضي على التنافس الحر ويقوض ثقة المستثمرين ويشكك في شرعية المؤسسات الموريتانية إنها عقبات خطيرة أمام النمو والتنمية.

ترجمة الحسين ولد حمود

 المصدر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى