الأخبارصدى الاعلاممقابلات

الوزير المختار ولد داهي الناطق باسم الحكومة الموريتانية لـ«المجلة»: التحضيرات جارية لإطلاق حوار سياسي شامل… و موريتانيا تشهد جهودا غير مسبوقة في التنمية ومحاربة الفساد

الوزير المختار ولد داهي الناطق باسم الحكومة الموريتانية خلال حديثه للمجلة

الصدى – “المجلة“/

أجرت مجلة “المجلة” اللندنية حوار شاملا ومطولا مع الوزير المختار ولد داهي وزير الثقافة والشباب والرياضة والعلاقات مع البرلمان والناطق باسم الحكومة ، ونظرا لأهمية هذا الحوار تعيد الصدى نشره نقلا عن “المجلة”:

تعيش موريتانيا تجربة ديمقراطية ناشئة شهدت بعض الومضات والكبوات في فترات مختلفة من التاريخ السياسي للبلاد، فرغم ما عرفته موريتانيا من تعثر تنموي بسبب عدم استقرار الأنظمة بفعل الانقلابات العسكرية المتتالية، فقد شهدت موريتانيا تجربة ديمقراطية رائعة كانت محط أنظار كل دول العالم تم بموجبها انتخاب أول رئيس مدني في تاريخ البلاد في العام 2007م هو الرئيس الراحل سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله، لكن موريتانيا لم تستمتع طويلا بزهو ذلك العرس الانتخابي حيث عادت حليمة لعادتها القديمة عبر انقلاب عسكري جديد، بقيادة الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، وظلت الأحزاب السياسية وهيئات المجتمع المدني تناضل من أجل إرساء ديمقراطية حقيقية وتناوب سلمي على السلطة إلى أن وصل الرئيس الحالي محمد ولد الشيخ الغزواني لمقاليد السلطة للبلاد عبر صناديق الاقتراع رغم خلفيته العسكرية كقائد عام للجيوش على مدى عقد من الزمن.

وتشهد موريتانيا حاليا استقرارا سياسيا غير مسبوق تجلى في هدوء للمشهد السياسي وتطبيع للعلاقات السياسية مع المعارضة الراديكالية حيث انفتح الرئيس الجديد على كل أطياف المعارضة، وغيرت المعارضة بدورها مفردات خطابها السياسي وديا تجاه النظام، وتجري حاليا التحضيرات الجادة على قدم وساق لإطلاق حوار سياسي شامل في البلاد.

  

 لتسليط الأضواء على المشهد السياسي والتنموي والاقتصادي ومواقف نواكشوط من مختلف القضايا الإقليمية والدولية أجرت «المجلة» الحوار التالي مع الوزير الموريتاني الأستاذ المختار ولد داهي وزير الثقافة والشباب والرياضة والعلاقات مع البرلمان والناطق باسم الحكومة..

 

وهذا نص الحوار:

* بداية بوصفك الوزير الناطق باسم الحكومة ما هو تقييمك لأداء نظام الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني بعد انتصاف مأموريته الرئاسية؟ وماذا تحقق بشكل ملموس على المستوى التنموي في موريتانيا؟

 

– بداية أرحب بمجلة «المجلة» وأشكرها على الاهتمام الدائم بالشأن الموريتاني، وردا على سؤالكم؛ فعلا نحن نعيش هذه الأيام انتصاف مأمورية رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني التي منحه إياها الشعب الموريتاني عبر صناديق الاقتراع، وأعتقد بكل موضوعية أن برنامج وتعهدات الرئيس للشعب الموريتاني تحقق بعضها وبعضها قطع أشواطا وبعضها شهد بعض التعثر نتيجة لاعتبارات معينة، وأنتم تدركون جيدا أن المجال التنموي بصفة عامة تأثر خلال هاتين السنتين بجائحة كوفيد-19. التي لم يسلم منها أي بلد من بلدان العالم، وطبعا أثرت هذه الجائحة على وتيرة النمو والإنجازات التي كانت متوقعة في بلادنا، رغم ذلك تم تحقيق العديد من الإنجازات التنموية خلال هذه الفترة بعضها على مستوى البنية التحتية، ومنها جهود غير مسبوقة في محاربة الفساد توقيفا له ومحاسبة للمتورطين فيه.

 

* هل من مثال على المشاريع التنموية التي تحدثتم عن تجسيدها على أرض الواقع خلال هذه الفترة في موريتانيا؟

 

– هناك عدة مشاريع تنموية شهدتها موريتانيا منذ وصول الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني للسلطة ولعل أبرزها تحقق في مجالات الزراعة والبنية التحتية والتصنيع، ومواكبة لهذه الجهود أطلقت الدولة خطة الإقلاع الاقتصادي المتكاملة التي تراعي الأولويات التنموية للبلاد، كاستصلاح الأراضي الزراعية وإنشاء وحدات للصناعات التحويلية، على مستوى صيد الأسماك في العاصمة نواكشوط وفي العاصمة الاقتصادية انواذيبو.

 

* ما انعكاس الإنجازات التنموية على الوضع الاقتصادي الموريتاني خاصة منه ما يتعلق بجذب الاستثمارات الخارجية لموريتانيا؟

 

– هناك مؤشرات واضحة يعرفها المستثمرون جيدا فخلال هاتين السنتين استقطبت موريتانيا العديد من الاستثمارات الخارجية منها ما بدأ بالفعل ومنها ما هو قيد الإنجاز، فهناك شراكات هامة مع رجال أعمال ومؤسسات خصوصية عربية، وأهم من هذا كله هناك ثقة تامة لدى الممول الدولي بالاقتصاد الموريتاني، ومن أبرز شواهد ذلك إعادة جدولة الديون الكويتية، التي ظلت تشكل ملفا شائكا عالقا وعائقا للمسار التنموي الوطني منذ عشرات السنين، ونتيجة للثقة في النظام السياسي الموريتاني تمت تسوية هذا الملف مع الأشقاء في دولة الكويت الشقيقة، تمت أيضا إعادة جدولة الديون الموريتانية الصينية، واستفادت موريتانيا مما استفادت منه معظم الدول المماثلة من تجميد سداد الديون خلال هاتين السنتين بسبب تداعيات الجائحة، وكل ذلك كانت له تداعيات إيجابية تعزز ثقة المستثمر والممول الأجنبي في الاقتصاد الموريتاني.

 

* تحدثتم عن إنجاز هام للرئيس الغزواني يتعلق بمحاربة الفساد خاصة محاسبة الضالعين فيه، وفعلا يقبع الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز في السجن بتهمة الفساد، لكن فريق دفاع الرئيس السابق يرى أن ملف الفساد ملف سياسي لتصفية حسابات خاصة مع موكلهم محمد ولد عبد العزيز.. ما ردكم؟

 

– بالنسبة لنا كحكومة كل ما نستطيع فعله هو أن نعطيكم المعلومات الكاملة، والتقييم عليكم أنتم

الوزير الموريتاني المختار ولد داهي خلال حواره مع الزميل محمد عبد الرحمن المجتبى

كصحافة مستقلة، محاربة الفساد تدخل في صميم اهتمامات وأولويات رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني، وملف محاربة الفساد بدأ بتشكيل لجنة برلمانية مستقلة وفق النظم الداخلية للجمعية الوطنية (البرلمان الموريتاني)،، وقد حققت هذه اللجنة البرلمانية في كل ما تشوبه شوائب الفساد خلال الفترة السابقة، وأفضى تحقيقها إلى تقرير مفصل تمت إحالته للقضاء، والقضاء بعد معاينة التحقيق وجه تهما لبعض الأشخاص وأسقط تهما عن شخصيات أخرى، وبالنسبة لمن وجه لهم القضاء تهما أصبحوا في عهدته، ونظرا لمبدأ فصل السلطات عندنا لا يمكننا كحكومة أن نتحدث عن قضية مبسوطة أمام القضاء، لكن ما أستطيع تأكيده هو أن ما يشهده هذا الملف منسجم تماما مع القوانين المعمول بها في موريتانيا سواء تعلق الأمر بالحبس الاحتياطي لبعض المتهمين، أو بآجال التحقيق معهم، وفيما يتعلق بتهمة تسييس الملف وتصفية حسابات سياسية مع زيد أو عمرو، فهذا الأمر يتضح للجميع أنه غير وارد، فكل موريتاني له الحق في ممارسة العمل السياسي من الموقع الذي يراه معارضا كان أو مواليا، ونحن لا حاجة لنا بتصفية الحساسات مع أي كان.

 

* معذرة على المقاطعة؛ نحن نتحدث عن الرئيس السابق تحديدا؟

 

– نحن كما أسلفت لا حاجة لنا بتصفية الحسابات السياسية مع أي أحد، والشخص الذي تسأل عنه لديه موانع دستورية واضحة، فموريتانيا تحكمها قوانين دستورية تنص على أن أي رئيس أكمل مأموريتين رئاسيتين لم يعد يحق له الاضطلاع بالشأن الرئاسي، وبخصوص تصفية الحسابات أنفيها لك نفيا تاما، كما أنفي أي شبهة أو شائبة سياسية في هذا الملف القضائي بامتياز.

 

* منذ وصول الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني للسلطة والمشهد السياسي يشهد حديثا عن حوار سياسي شامل في البلاد، لكن الملاحظ أن الرئيس صرح أكثر من مرة بأنه لا يرى ضرورة للحوار، وفجأة وافق الرئيس على الحوار أو التشاور السياسي، ومنذ نحو سنة لم ينطلق قطار الحوار، نريد أن نعرف أولا كيف اقتنع الرئيس بالحوار؟ ونعرف ثانيا ما هي الأسباب المريبة لتأخر هذا الحوار؟

 

– الحوار السياسي مر بمسار طويل فهو في البداية كان فكرة من بعض الأحزاب السياسية طالبت بها، ورئيس الجمهورية من يومه الأول يرحب بكل طلبات الأحزاب السياسية

ومنذ البداية بدأ الرئيس بالتشاور مع الأطياف السياسية، لكن ذلك التشاور كان يأخذ أشكالا مؤسسية وهو ما باشره الرئيس من يومه الأول مع مؤسسة المعارضة، ومع الأحزاب السياسية في المعارضة والموالاة، ومع زعامات المعارضة التقليدية، كل هؤلاء استقبلهم الرئيس واستمع منهم وتشاور معهم، حتى إنه استقبل أيضا المرشحين الذين نافسوه خلال الحملة الانتخابية، واستمع لرؤيتهم للحوار وللشأن السياسي والتنموي الوطني ككل.

 

* لكن الرئيس لم يكن مقتنعا بإطلاق حوار سياسي وطني؟

 

– لا، الرئيس كان مقتنعا بالتشاور مع كل الأطراف وقام بذلك كما أسلفت، ولكن لما أرادت بعض الأحزاب السياسية في الموالاة والمعارضة أن يكون هناك حوار سياسي شامل وافق عليه، وعندما طلبوا منه مرة أخرى أن يعلن جهارا للرأي العام الوطني والدولي مباركته لهذا الحوار والتزامه بتطبيق نتائجه، أعلن ذلك أيضا في خطاب مشهور، أكد فيه دعم هذا التشاور والتزامه بتنفيذ كل مخرجاته الإجماعية، وطلبت الأحزاب السياسية في مرحلة أخرى من رئيس الجمهورية أن يعطي أوامره للجهاز التنفيذي للحكومة أن يقدم التسهيلات اللازمة لإنجاح هذا التشاور، وعلى الفور أعطى الرئيس تعليماته للجهات التنفيذية المختصة بتقديم كل التسهيلات التي من شأنها إنجاح التشاور السياسي في البلاد، وما أستطيع تأكيده هنا هو أن الحوار السياسي شأن خاص بالأحزاب السياسية، فإذا تأخر هذا الحوار بسبب أن زيدا لم يوافق أو عمرا لم يوافق فهذا لا علاقة للحكومة به إطلاقا، ويمكنني أن أؤكد لك أيضا أن أحزاب الموالاة التي تمثل الجناح السياسي للحكومة جاهزة للحوار في أي لحظة وممثلوها تم اختيارهم منذ بعض الوقت، لأن أحزاب المعارضة والموالاة اتفقت على تشكيل لجنة تحضيرية للحوار بعدد معين من الأشخاص بالمناصفة بينهما وأحزاب الموالاة قدمت ممثليها في هذه اللجنة لكن أحزاب المعارضة ما زال لديها بعض الاختلافات على طريقة اختيار ممثليها، ووضعية كهذه لا يمكن أن يتحمل فيها رئيس الجمهورية أي مسؤولية عن تأخر الحوار، كما لا يتحملها الجهاز التنفيذي للدولة، فكل المحطات التي طلبت فيها الأحزاب السياسية رئيس الجمهورية بتدخل بدور ما في الحوار كان رده سريعا وإيجابيا.

 

* هل يتناغم هذا مع البيان السياسي الذي أصدرته أحزاب معارضة وطالبت فيه بتعجيل الحوار متهمة جهات في النظام بتعطيل هذا الحوار ومحاولة الالتفاف عليه أو التراجع عنه؟

 

– فعلا الأحزاب السياسية أصدرت ذلك البيان لكنني لست متأكدا من أن تلك الجهات التي اتهمتها بتعطيل الحوار أنها في النظام، وما أؤكده أنه لا علم لي بأي طلب تقدمت به أحزاب المعارضة للنظام إلا وتمت الموافقة عليه، وقد سردت لك آنفا كل مراحل طلبات المعارضة لهذا الحوار، وبالتالي ليست هناك أي عرقلة من جانب النظام وأعتقد أن قطبا ما من أقطاب المعارضة على تعدد أقطابها هو الذي يعرقل الحوار بعدم حسم بعض الأمور الخاصة به.

 

* وما صحة ما يقال من أن هناك شخصية وطنية مستقلة بمثابة حكم بين أطراف الحوار سيتم تعيينها من طرف الجهاز التنفيذي من أجل الإشراف على الحوار ما زالت الحكومة تتأخر في تعيينه لأسباب غامضة.. ما مدى صحة هذا الكلام؟

 

– لا لا.. أنفي لكم هذا الكلام جملة وتفصيلا، أنا لا أعرف التسمية التي طلبوا بالتحديد، ولكن المؤكد أنهم طلبوا من رئيس الجمهورية أن يضطلع الجهاز التنفيذي بتسهيلات للعملية ووافق لهم على هذا الطلب على الفور.. والمشكلة بكل تأكيد لا تكمن في هذه النقطة.

 

* إذن نفهم من كلامك أن الكرة في مرمى المعارضة؟

 

– أكيد أن الكرة الآن في مرمى القطب المعارض على تعدد محاوره وإذا راجعتم تصريحات بعض قادتها ستدركون ما يجري من تجاذبات داخل قطب المعارضة.

 

* بصفتك وزيرا للثقافة ووصيا على قطاع الإعلام في موريتانيا، هل أنت راض عن الحضور الإعلامي والثقافي لموريتانيا في المشهدين العربي والدولي؟

 

– تقييمي أن الحضور الثقافي للبلد بصفة عامة لا بأس به لكن يمكن أن يكون أفضل، لأننا في المجال الثقافي يمكننا أن نعطي أكثر، خاصة أنه يمكن أن يكون لنا ألق وحضور خاص في العالم العربي لأن هذا البلد عرف بثقافة عالمة وعرف أول ما عرف بثقافته وشعره وشعرائه، ونحن فعلا لنا حضور لا بأس به في بعض المحافل العربية ولكن هذا الحضور نعترف أنه يمكن أن يكون أكثر ألقا وتوهجا مما هو عليه الآن.

 

أما فيما يتعلق بالحضور الإعلامي فنحن لنا جيل من الإعلاميين يعملون بشكل مباشر أو غير مباشر مع القنوات العربية، هم فعلا متميزون ويمثلون الشناقطة بما تميزوا به من تميز علمي وأخلاقي رفيع، أما من حيث حضور موريتانيا إعلاميا في الإعلام العربي فهذا دون المقبول حتى الآن من وجهة نظري، وفيه ما نتحمل نحن في موريتانيا المسؤولية فيه من حيث الإنتاج وتسويق المنتوج الثقافي والفكري والتراثي والاقتصادي، فنحن بلا شك مقصرون في هذا الجانب، لكن أيضا هناك مسؤولية للإعلام العربي، الذي نرجو أن يكون أكثر اهتماما بموريتانيا.

 

* لو تطرقنا للوضع الإقليمي، خاصة ما يجري في الجارة الشرقية مالي وفي منطقة الساحل ككل، كيف تنظرون لما يجري في المنطقة؟

 

– ما يجري في المنطقة الآن هو تداعيات طبيعية لبعض التغييرات اللادستورية في بعض دول المنطقة، ومثل هذه الأوضاع اللادستورية تولد معها بعض مسببات عدم الاستقرار السياسي، وإذا كان ذلك مؤسسا أصلا على بعض الانشغالات الأمنية وعدم التعايش الإيجابي بين بعض المكونات الاجتماعية في بلد ما، فإن ذلك يبعث على القلق على تلك البلدان المنتمية لمجموعة دول الساحل الخمس وهذا هو ما يشغلنا في موريتانيا.

 

* هل يؤرقكم الوضع في مالي والمنطقة؟

 

– بكل تأكيد يؤرقنا ويشغلنا كل ما يؤثر على إخوتنا وجيراننا في المنطقة، ونراقب الوضع ونبذل كل جهودنا للتخفيف من تداعياته، لم نأل أي جهد في ذلك مع حكومات الدول المعنية والدول المهتمة بالمنطقة.

 

* ماذا عن تداعيات الإنسحاب الفرنسي من دولة مالي المجاورة لموريتانيا؟

 

– القوات الفرنسية أعادت انتشارها في المنطقة حسب المصلطح الرسمي الذي يستخدمه الفرنسيون، ولكن بكل تأكيد الانسحاب الفرنسي من دولة مالي لن يكون عديم التأثير على المنطقة، والحقيقة أن أمن هذه الدول واستقرارها لن يتحقق إلا على يد قواتها العسكرية، فالمسؤولية تقع بالدرجة الأولى على دول المنطقة لبناء قدراتها العسكرية واستراتيجياتها الأمنية، وبدرجة ثانية تقع على المجتمع الدولي والدول الصديقة والشقيقة لمساعدة هذه الدول، وأنظمتها على إعادة بناء منظوماتها الأمنية والعسكرية والتنموية، بما يتناسب مع التحديات التي تواجهها دول المنطقة.

 

* نلا حظ أنه مع احتدام الأزمة المالية مع فرنسا جاء وفد مالي رفيع إلى موريتانيا لطلب دعم نواكشوط للنظام المالي الجديد، ماذا يمكن أن تقدم نواكشوط لباماكو في أزمتها الحالية؟

 

– ردا على هذا السؤال يجب أن نؤكد على نقطتين؛ الأولى أن موريتانيا تقف مع الشعب المالي الشقيق في هذه الأزمة التي نتمنى أن تكون عابرة وتستعيد دولة مالي استقرارها السياسي والأمني، وتبسط سلطانها على كامل حوزتها الترابية، وبالتالي نحن مستعدون لكل ما يخفف وطأة الأزمة الحالية على الشعب المالي، فهم جيران وأشقاء ومصالحنا مرتبطة ومتداخلة ومتشابكة، ولكننا نعمل على تجسيد دعمنا للأشقاء في سياق ما تقرر في إطار المنظومة الإقليمية لمنظمة دول غرب أفريقيا التي نحن لسنا عضوا فيها، ولكننا ملتزمون بما تقرره هذه المنظمة.

 

* ماذا عن تقييمكم للعلاقات الموريتانية المغاربية، والوضع المغاربي بصفة عامة حيث الخلاف بين الجارتين الكبيرتين المغرب والجزائر وحيث الوضع في ليبيا مرتبك وضبابي وحتى الوضع في تونس يشهد أزمة سياسية صعبة؟

 

– نحن نعتبر أي وضع غير طبيعي بين جارتين عربيتين هو وضع يشغلنا طبعا، ولا نتمناه ونعمل على إزالته، وبالتالي نحن نعمل بالطرق المعتادة والطرق الدبلوماسية وبما يحفظ علاقتنا وودنا مع هذه الدول نعمل على إزالة ذلك الطارئ الذي أثر على الوضع الطبيعي في العلاقات بين كل دولتين شقيقتين، وفيما يتعلق بالوضع الليبي فنحن أيضا منشغلون بهذا الوضع وهو من تداعيات الأزمة الليبية الطويلة التي جرت ذيولها على الساحل كله، ونحن في هذا المجال نؤكد أننا مع وحدة الشعب الليبي ومع استقراره وعودة سياسية طبيعية للدولة الليبية الشقيقة.

 

* بالعودة للوضع المغربي الجزائري.. ما حقيقة الوساطة الموريتانية لتقريب وجهات النظر بين الدولتين الجارتين المغرب والجزائر، خاصة أنه كثر الكلام عن هذه الوساطة في الآونة الأخيرة؟

 

– أستطيع أن أؤكد لك ما قلت آنفا أننا مع إزالة كل طارئ غير طبيعي بين أي دولتين شقيقتين.

 

* هل فعلا هناك وساطة موريتانية بين الدولتين أم لا؟

– ما قلته لك صريح جدا ولذا سأؤكد لك هذا الصريح مرة أخرى وهو أن كل ما يؤثر على الوضع الطبيعي بين دولتين شقيقتين كالمغرب والجزائر هذا وضع يشغلنا جدا ونحن في إطار ما يحفظ علاقاتنا المتميزة مع الدولتين نعمل وسعنا وجهدنا من أجل إزالة ذلك اللبس الطارئ بين الأشقاء.

 

* في الماضي كان ينظر لموريتانيا على أنها ضحية لصراع الجارتين الكبيرتين المغرب والجزائر، واليوم يتم الحديث في الإعلام الموريتاني على الأقل عن وساطة بين البلدين وهذا يشي بنقلة كبيرة على مستوى الدبلوماسية الموريتانية، لذا أنا أصر على الاستيضاح عن حقيقة تلك الوساطة؟

 

– ربما ما ميز النظام الحالي في موريتانيا أن علاقاته مع كل دول الجوار متميزة، ربما في المراحل السابقة شهد الأمر شدا وجذبا أو شيئا مما يمكن أن يوصف بأنه قرب من دولة ما على حساب دولة ما، ولكن ما ميز المرحلة التي تعيشها موريتانيا الآن أعتقد أنه خط ثابت لرئيس الجمهورية يتسم بالثبات على الموقف على المسافة الواحدة من كل الأشقاء، والانشغال بما يحدث عابرا بين الأشقاء والعمل على إزالة ما يحدث بينهم في نفس الإطار.

 

* في إحدى إطلالاته الإعلامية بعد شهور من وصوله للسلطة قال الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني إنه يفكر في آلية لجعل الحياد الموريتاني في قضية الصحراء الغربية حيادا إيجابيا، هل توصلتم لتلك الآلية كحكومة؟

 

– موقفنا وخطنا هو الحياد الإيجابي، كما تعلمون كان الموقف الموريتاني في مرحلة معينة هو الحياد، لكن موقفنا حاليا هو الحياد الإيجابي وهذه العبارة لها حمولة دبلوماسية خاصة، فنحن لا نلتزم الحياد السلبي أي إننا نتفرج على ما يجري، فما نسعى له هو الحياد الإيجابي الذي يقرب وجهات النظر ويعيد الاستقرار للمنطقة.

 

 

* يلا حظ على مستوى الدوائر الإعلامية الرسمية وغير الرسمية تطور للعلاقات الموريتانية السعودية لمستوى غير مسبوق، ما أهم ملامح هذا التطور؟

 

– علاقتنا مع المملكة العربية السعودية جيدة تاريخيا وظلت كذلك خلال العقود الماضية، لكن في هذه المرحلة تشهد هذه العلاقات أوجها وأفضل لحظاتها، فعلى المستوى الدبلوماسي هناك تنسيق تام بين القيادتين في البلدين الشقيقين، وهناك تنسيق مستمر وتبادل للآراء حول مختلف القضايا والثوابت في المنطقة وكذلك المستجدات، وفي الجانب الاقتصادي يشهد التعاون الموريتاني السعودي نقلة نوعية، والمملكة العربية السعودية أياديها بيضاء على موريتانيا، ويتجلى ذلك في كثير من أوجه التعاون الثنائي، سواء تعلق الأمر بالتعاون الاقتصادي والاجتماعي وحتى على مستوى القضايا الإنسانية، في كل هذه المجالات هناك تعاون قوي بين البلدين الشقيقين، وباختصار إذا نظرت للمؤشرات السياسية وإذا استخدمت المؤشرات الاجتماعية ونظرت لكل مؤشرات التعاون ستجد أن العلاقات الموريتانية السعودية في أحسن أحوالها وأسعد لحظاتها.

 

* العالم كله اليوم منشغل بالحرب الروسية الأوكرانية، وطبعا موريتانيا ليست بمنأى عن الانشغال العالمي، وفضلا عن استفسارنا عن موقفكم مما يجري، نريد أيضا أن نعرف تصوركم واستشرافكم لما يتحدث عنه بعض المراقبين من تداعيات خطيرة لهذه الحرب خاصة على مستوى إمدادات الطاقة وتأثر سلات الغذاء على مستوى العالم؟

 

– نحن نراقب الوضع في الحرب الدائرة الآن بين روسيا وأوكرانيا، وكما ذكرتم فعلا هذه الحرب ستكون لها تأثيرات قوية على كل دول العالم، لأن هاتين الدولتين تنتجان وحدهما أكثر من 25 في المائة من مادة القمح، أضف إلى ذلك ما يتعلق بالنفط والغاز، فالتداعيات أصبحت الآن محسوسة على مستوى أسعار النفط التي ارتفعت بشكل كبير وكذلك أسعار القمح التي من المتوقع أن ترتفع بشكل مذهل، وبالتالي تداعيات هذه الحرب ستصل كل بيت في العالم، وموقفنا كحكومة موريتانيا هو أننا ندعم اتفاق الأطراف على حل دبلوماسي.

 

* كلمة أخيرة :

«المجلة» ساهمت بقوة في رفع الإدراك العربي

 

– يسعدني في نهاية هذا الحوار أن أهنئ مجلة «المجلة» الرائدة عربيا ودوليا على مسارها الثابت على مدى 42 سنة من العطاء الإعلامي والثقافي المتواصل والمتوهج، وهذا في الحقيقة عمر طويل في عمر المجلات العالمية. أما في المجلات العربية فهو عمر أطول، وبالتالي لمجلة «المجلة» والقائمين عليها مني كل التهنئة وأتمنى أن يتواصل هذا المسار وفق نفس الوهج والألق، وأعتبر أن هذه المجلة ساهمت بقوة في رفع الإدراك العربي، وتوعية الإنسان العربي ثقافيا وسياسيا واقتصاديا عبر كل المواضيع التي تناولتها هذه المجلة خلال مسارها المهني الرائع.

للقراءة من المصدر : هنا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى