فضاء الرأي

بشرى سارة أزفها إلى مدير الإذاعة المقال! / محمد الأمين ولد الفاضل

محمد الأمين ولد الفاضل /كاتب موريتاني مهتم بقضايا التنمية البشرية

عرفت بلادنا في ظل الأنظمة السابقة فسادا كبيرا، وعرفت في ظل النظام الحالي الذي يرفع شعار محاربة الفساد موجة جديدة من الفساد قد تكون أخطر من كل أنماط الفساد التي شهدتها بلادنا في العهود السابقة.

 

في هذا العام، وبسبب تراكم الفساد ودعنا الراحلة “الشركة الوطنية لصيانة الطرق”، وربما سنودع  من قبل نهايته، وتحديدا في يوم 27 دجمبر شركة أخرى لها رمزيتها، وهي الشركة الوطنية للإيراد والتصدير. ففي هذا اليوم سيجتمع أعضاء الجمعية العامة لهذه الشركة لتحديد مصيرها،

 

 والذي سيكون في أغلب الأحوال هو مصير أختها الشركة الوطنية لصيانة الطرق، والتي تم دمجها مع شركة أخرى لمحو آثار النهب والفساد الذي تعرضت له تلك الشركة من قبل تصفيتها.

 

بيع العديد من العقارات وأملاك الدولة، وتم اقتطاع أجزاء هامة من عقارات وأملاك عامة أخرى، هذا بالإضافة إلى تصفية شركات ومؤسسات عمومية لن تكون آخرها الشركة الوطنية للإيراد والتصدير، والتي لن تسلم من التصفية إلا إذا خرجت حشود شعبية كبيرة بشكل متزامن مع اجتماع الجمعية العامة للوقوف ضد تصفية هذه الشركة في هذا العام الذي يهدد فيه الجفاف القطاع الريفي.

 

من المؤكد بأن بلادنا تمر اليوم بواحدة من أخطر موجات الفساد، والمؤسف أن هذا الفساد لا يمكن الإطلاع على حجمه بشكل دقيق إلا من خلال ما يسربه المفسدون في إطار  صراعات أجنحتهم داخل النظام.

 

لقد أتاح لنا الصراع بين أجنحة النظام أن نطلع على حجم الفساد الكبير الذي عرفته إذاعة موريتانيا في فترة مديرها المقال أو المجرد من مهامه، وإليكم بعض أوجه هذا الفساد التي نشرها موقع “28 نوفمبر” اعتمادا على معلومات موثقة قال الموقع بأنه قد حصل عليها، وتأتي من بعد وثائق أخرى أهم كان قد نشرها في وقت سابق موقع وكالة الأخبار المستقلة.

 

وتتضمن هذه المعلومات المنشورة على موقع “28 نوفمبر”:

 

1 ـ أن المدير المقال أو المجرد من مهامه قد ترك الإذاعة وهي مطالبة من طرف الدولة والموردين  بديون تصل إلى مليارين ونصف المليار من الأوقية.

 

2 ـ  أن الحسابات البنكية الأربعة للإذاعة خاوية تماما باستثناء حساب واحد وجد فيه ما يقل عن ألف أوقية ( سيتحول هذا المبلغ مع فاتح يناير إلى أقل من مائة أوقية!!).

 

3 ـ أن المدير المقال ترك للإذاعة 4 سيارات صالحة للخدمة، وذلك في الوقت الذي كان قد تسلم فيه عند تعيينه 53 سيارة صالحة للخدمة.

 

4 ـ ذكر الموقع بأنه وطبقا للمعلومات الموثقة فإن المدير المقال أو المجرد من مهامه متهم بتبديد 126 مليون أوقية، وطالبته المفتشية من قبل عزله بأن يسدد، وبشكل فوري، 21 مليون أوقية، فسدد منها 6 مليون أوقية، ومنحته المفتشية أسبوعا لتسديد 10 ملايين، وبعد اكتمال الأسبوع طالب المدير المقال بمنحه عشرة أيام إضافية لجمع المبلغ من الأقارب.

 

5 ـ الأخطر من كل ذلك، وهذه خسارة لا يمكن تعويضها أو استرجاعها هي أن المدير المقال أو المجرد من مهامه كان قد أتلف من قبل إقالته جزءا كبيرا من أرشيف الإذاعة الذي تم تسجيله على أشرطة جديدة، وهي الأشرطة التي أعاد المدير استخدامها في تغطيته لحملة الاستفتاء تجنبا لشراء أشرطة جديدة!

 

وكان موقع “مراسلون” قد نشر في وقت سابق خبرا يقول بأن أرشيف الإذاعة خلال العشر سنوات الماضية قد تم تدميره بشكل كامل بسبب بعض الأخطاء التي تم ارتكابها في عهد المدير المقال أو المجرد من مهامه.

 

يبقى أن أقول، ومن قبل أن أزف بشرى سارة إلى المدير المقال أو المجرد من مهامه، بأن ما تحدثت عنه هذه المواقع الثلاثة من فساد فظيع وبشع داخل الإذاعة هو في النهاية مجرد فساد عادي جدا يحدث في كل الشركات والمؤسسات العامة، ولو أننا تمكنا من الاطلاع على حجم الفساد الذي عرفته الشركة الوطنية لصيانة الطرق في السنوات الأخيرة لعلمتم بأن الفساد لا يحتكره جناح في النظام دون جناح آخر، ولعلمتم بأن من سرب تفاصيل فساد مدير الإذاعة هو أيضا يعد أستاذا كبيرا في الفساد.

 

وفيما يخص البشرى التي سأزفها إلى مدير الإذاعة المقال أو المجرد من مهامه بسبب تهم تتعلق بالفساد، فهي تتمثل في فقرة من مقال كنت قد نشرته في يوم 1 سبتمبر 2016 عن مجردين من مهامهم بسبب تهم تتعلق في أغلبها بالفساد تمت إعادة تعيينهم في وظائف أهم من قبل التاريخ الذي نشر فيه المقال.

 

فيا أيها المدير المقال أو المجرد من مهامه لا تبتئس، فهذه لائحة بأسماء إخوة لك قد سبقوك في التجريد من المهام:

 

(1)

 

في يوم الخميس الموافق 26 أغسطس 2010 تم إنهاء مهام السيد محمد الأمين ولد داده، مفوض حقوق الإنسان و العمل الإنساني والعلاقات مع المجتمع المدني، وذلك بموجب مرسوم صادر عن الرئاسة، وفي يوم الأحد 10 يونيو من العام 2012 تم الحكم عليه بالسجن ثلاث سنوات مع غرامة قدرها 76 مليون أوقية، وفي يوم الأربعاء 26 دجمبر 2012 تم الإفراج عنه بحرية مؤقتة، وذلك من قبل أن يكمل سنواته الثلاثة، وفي يوم 15 أغسطس من العام 2016 تم تعيينه مكلفا بمهمة في الرئاسة.

 

(2)

 

في العام 2006 تمت إقالة با يحيى بوكار من وظيفته بالبنك المركزي، وفي العام 2009 تم تجريده من رئاسة اللجنة المركزية للصفقات بسبب تهم تتعلق بالفساد حسب ما تداولته الصحف والمواقع في ذلك الوقت. وفي يوم 14 فبراير من العام 2013 تم تعيين هذا الموظف المجرد من مهامه وزيرا للإسكان والعمران والاستصلاح الترابي.

 

(3)

 

في البيان الصادر عن مجلس الوزراء المنعقد يوم الخميس 24 مارس 2011

تم إعفاء السيد عبد الدايم ولد المصطفى من مهامه كحاكم لمقاطعة انبيكت لحواش هذا الحاكم الذي تم إعفاؤه من مهامه في ذلك التاريخ يشغل الآن منصب الحاكم المركزي لمقاطعة ألاك.

 

(4)

 

في يوم الخميس الموافق 26 أغسطس 2010 تم إنهاء مهام الدكتور محمد ولد عيه الذي كان حينها يشغل وظيفة مدير عام للمستشفى الوطني. هذا المدير الذي تم إنهاء مهامه رشحه الحزب الحاكم في انتخابات 2013، وهو يشغل الآن رئيس لجنة العلاقات الخارجية بالجمعية الوطنية.

 

(5)

 

في يوم الخميس الموافق 19 نوفمبر 2009 تم تجريد مدير الميزانية السيد زيني ولد أحمد الهادي من مهامه، هذا الموظف المجرد من مهامه تم تعيينه من بعد التجريد مديرا لقطاع الدراسات والبرمجة في منطقة نواذيبو الحرة، وذلك من قبل أن يتم ترشيحه في انتخابات 23 نوفمبر من طرف الحزب الحاكم ليصبح من بعد ذلك نائبا ورئيسا للجنة المالية بالجمعية الوطنية.

 

(6)

 

في يوم الخميس الموافق 15 أكتوبر2009تم تجريد مدير العمران السيد جكانا إساقا من وظائفه، وهذا الموظف الذي جرد من وظائفه ذات مجلس وزراء تمت ترقيته ذات مجلس آخر، وهو يشغل  الآن منصب الأمين العام لنفس الوزارة.

 

(7)

 

في يوم الخميس 31 يوليو 2014 تم إنهاء مهام مدير المدرسة العليا للتعليم السيد عالي ولد اعلاده، وقد جاء التجريد بعد إصدار المفتشية لتقرير تحدث عن اختفاء 30 مليون أوقية من ميزانية المدرسة العليا للتعليم، وفي يوم الخميس 02 إبريل من العام 2015 تم تعيين السيد عالي ولد اعلاده مديرا عاما للمدرسة الوطنية للإدارة والصحافة والقضاء.

 

(8)

 

في يوم الخميس 5 نوفمبر 2009 تم تجريد مدير الزراعة السيد محمد ولد النمين من مهامه بسبب تقرير للمفتشية، وفي 14 مايو 2015 تم تعيين هذا الموظف المجرد من مهامه في منصب المستشار الفني المكلف باللجنة الدائمة لدول الساحل لمحاربة التصحر.

 

(9)

 

في يوم الخميس 5 نوفمبر 2009 تم تجريد المدير العام للإذاعة السيد حمه ولد اسويلم من مهامه، وفي يوم الخميس 30 دجمبر 2010 كان الإجراء الخصوصي الوحيد الذي تم اتخاذه في ذلك المجلس هو إنهاء مهام  الأمين العام للوزارة المكلفة بالتشغيل والتكوين المهني السيد محمدن ولد سيدي الملقب بدن. وبعد ذلك التجريد وهذا الإنهاء فقد تم تعيين حم ولد أسوليم ناطقا رسميا باسم اللجنة المستقلة للانتخابات، في حين تم تعيين محمدن ولد سيدي (بدن) مديرا للانتخابات واللوازم بنفس اللجنة.

 

(10)

 

في يوم 14 فبراير من العام 2013 تم تعيين السيد محمد ديدي رئيسا لمجلس إدارة ميناء الصداقة، وتم تعيينه من بعد ذلك رئيسا لسلطة تنظيم النقل الطرقي، وقد تزامن ذلك التعيين مع تعيين محفوظ ولد السملالي مفتشا عاما للدولة، والذي كان قد تم تعيينه في يوم 19 فبراير 2013.

ومن اللافت أن الموظفين اللذين تزامن تعيينهما يشتركان أيضا في كونهما قد تم تجريدهما أو إقالتهما في عهد ولد الطايع بتهم تتعلق بالفساد. فأحدهما كان قد تم تجريده بسبب التلاعب بالقطع الأرضية، والثاني بسبب تزوير ونفخ الأرقام والمؤشرات الاقتصادية.

 

حفظ الله موريتانيا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى