الأخبارصدى الاعلام

جريدة الوطن العمانية تنتقد اعتزاز بريطانيا بوعد بلفور “عندما تفخر دول بجرائمها”

صورة تخدم الخبر

يعد وعد بلفور الذي أعطته بريطانيا لليهود ومكنتهم بموجبه من اغتصاب أرض فلسطين وتشريد شعبها ليقيموا عليها كيان قاتل إرهابي يسرق الأراضي، ويسفك الدماء ولا يراعي قيمًا دينية أو إنسانية، كيان نشأ على الدموية والكذب والغدر، إحدى أكبر الجرائم التي قامت الدول الاستعمارية بارتكابها، كما أنه يمثل تجسيدًا حقيقيًّا لمقولة “أعطى من لا يملك لمن لا يستحق”، فبريطانيا التي كانت لا تغيب عنها الشمس والتي أضحت اليوم تدعو الاتحاد الأوروبي إلى خروج آمن يضمن مصالحها، لا يوجد شيء يربط ماضيها عندما كانت سيدة العالم دون منازع، وحاضرها الذي أصبحت فيه إحدى دول الصف الثاني في العالم، غير إصرارها على هذا الوعد المشؤوم الذي مهد لسرقة جزء كبير من فلسطين التاريخية، وكانت إيذانًا بأكبر عملية تطهير عرقي عرفته البشرية بعد الهنود الحمر في أميركا الشمالية.

بريطانيا اليوم لا يربطها بماضيها غير ما أعلنته رئيسة الوزراء البريطانية الحالية تريزا ماي عن ما وصفته بالفخر، أثناء احتفالها بالذكرى المئوية لصدور “وعد بلفور”، والذي وضع قاعدة لتأسيس كيان عنصري في الأراضي الفلسطينية المنتزعة من أصحابها، حيث تشدقت ماي بقولها: إننا نشعر بالفخر من الدور الذي لعبناه في إقامة دولة “إسرائيل”، ونحن بالتأكيد سنحتفل بهذه الذكرى المئوية بفخر”.

إن حديث ماي برغم ما غلفته من كلمات منمقة تحاول مداراة الجريمة الجديدة التي ارتكبتها حكومتها بالاحتفال بهذه الذكرى المشؤومة على فلسطين والمنطقة العربية المنكوبة بزعم أن حكومتها تدعم حل الصراع الفلسطيني ـ الاسرائيلي على أساس حل الدولتين، وذلك بدلًا من تقديم اعتذار طال انتظاره فلسطينيًّا وعربيًّا، وحتى من البشر العاديين الذين لا يزالون ينظرون لمبادئ وقيم إنسانية طغت عليها السياسة والمصالح الاستعمارية في السابق، ولا تزال تطغى عليها بهذا الاحتفال، الذي تجاهل الكم الكبير من الجرائم التي ارتكبها الكيان الإرهابي الغاصب جراء هذا الوعد، وما فعله من أفاعيل جراء المساندة البريطانية والأميركية في بداية نشأة دولة الاحتلال وحتى اليوم.

والمؤسف أن تمر تصريحات ماي بدون ردة فعل عربية باستثناء الادانة الفلسطينية كأقل رد على ما قيل، الذي يجب أن يتبعه تفعيل إجراءاتهم العقابية ضد الدولة البريطانية، لأن تصريحات ماي أقل ما يمكن أن توصف به أنها تصريحات تعبر عن تمسك بالجريمة وانحياز حقيقي لكيان الاحتلال العنصري،، ورفض ما جاء في خطاب الرئيس عباس في الجمعية العامة ومطالبته للحكومة البريطانية بأن تتحمل مسؤوليتها التاريخية والقانونية والسياسية والمادية والمعنوية لنتائج “وعد بلفور”، والاعتذار للشعب الفلسطيني لما حل به من نكبات وظلم، وتصحيح هذه الكارثة التاريخية ومعالجة نتائجها بالاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.

وتكمن خطورتها (التصريحات) في تشريعها للاحتلال، الذي يستهدف الأرض والإنسان الفلسطيني، وفي تنصل بريطانيا من مسؤوليتها التاريخية، ومما يترتب عليه للشعب الفلسطيني من حقوق.

إن الحكومة البريطانية بهذا الموقف تقف إلى جانب استمرار التوتر في منطقة الشرق الأوسط، باحتفالها بذكرى وعد بلفور، كما يمثل تأييدًا للسياسات العنصرية والقمعية التي يمارسها الاحتلال، ويستلزم هذا الموقف البريطاني، موقفًا عربيا وفلسطينيًّا موحدًا عبر المضي قدمًا في مقاضاة بريطانيا، لأن ما قامت به ماي يصر على عدم الاعتراف بوجود الشعب الفلسطيني، حتى بعد مرور 100 عام على وعد بلفور، وكأن هذا الوعد ما زال قائمًا بنفس النهج والتفكير والعقلية، وكأننا أيضًا نقف أمام بريطانيا اليوم كامتداد للعقلية البريطانية الاستعمارية العنصرية، على اعتبار أن فلسطين ليس لها الحق في مساءلة بريطانيا بأي شيء، وليس من حق أحد أن يسائلها على ما أقدمت عليه من جرائم في تاريخها الاستعماري، لأنها فخورة به، بحسب ما جاء في تصريحات ماي.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى