افتتاحية الصدىالأخبارمقالات و تحليلات

صندوق دعم الصحافة والزيادة المعتبرة … ما ذا بعد ؟؟ / محمد عبد الرحمن المجتبى

محمد عبد الرحمن المجتبى / المدير الناشر رئيس التحرير

كشف معالي وزير الثقافة الناطق باسم الحكومة الاستاذ المختار ولد داهي مؤخرا في مقاله الخاص بما تحقق من انجازات ومؤشرات في قطاع الاعلام خلال سنتين من حكم الرئيس غزواني عن خطوة حكومية هامة تجسدت في زيادة مبلغ الدعم العمومي المخصص للصحافة الخاصة بنسبة 50بالمائة وهي في الحقيقة زيادة معتبرة وتشي بصدق ومصداقية الوعود الحكومية اتجاه القطاع البائس الذي يعاني من مشاكل بنيوية كادت تسبب عزوفا جامعيا للمهنيين بعد أن استفحلت اوجاعه المهنية والاخلاقية، وتحكم فيه الدخلاء والغرباء بدعم ومباركة غير مباركة من الجهات العليا في البلاد خلال السنوات الماضية.

واستفحلت الظاهرة مع تأسيس صندوق الدعم العمومي في بداية مأمورية الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز حيث كان هذا الصندوق في ظاهره لفتة حكومية هامة “لانتشال” الصحافة الجادة من واقع اقتصادي صعب كادت تختفي بسببه من المشهد ، لكن هذا الصندوق كان في تقديري الخاص كارثة الكوارث بالنسبة للصحافة الجادة في البلاد حيث رسمت له خطة “شفافة” لتوزيعه على الدخلال والغرباء عبر التراخيص الوهمية ، وبدون معايير واضحة وجادة رغم اشراك الصحافة في تلك العملية القذرة التي نتج عنها جيش جرار من أدعياء المهنة يتأبط تراخيصه الرخيصة كل عام الى سوق عكاظ “الهابا” ليستلم من كعكة المال العمومي ما لا يستحق، في حين يذهب فتات المبالغ المخصصة للصحافة الجادة الصابرة المصابرة في حقل ألغام مقزز

كانت تلكم هي الصورة غير  الوردية لواقع وإيقاع  صندوق الدعم العمومي والتي لا اعتقد أن أهل الحقل المطلعين على حقيقته يكابرون في تصديقها ، بل  قد يعتبرون الصورة التي  رسمت جيدة ولا تعكس ما جرى ويجري “داخل الصندوق” من مما يعرفه الجميع وأربأ بقلمي عن التعرض له خاصة عندما يتعلق الأمر باستيلاء اشخاص محدودين على عشرات الملايين سنويا من هذا الصندوق

اليوم نحن في وضعية جديدة لا نجد غضاضة في تثمينها لما ضخت في نفوسنا من دماء الأمل في مستقبل مختلف لواقع صحافتنا الوطنية المستقلة ، خاصة بعد أن أصبح تقرير لجنة الاصلاح المكلفة من طرف رئيس الجمهورية قاب  قوسين أو أدنى من الاقرار والاعتماد ، وبعد أن نشرت السلطة العليا للصحافة والسمعيات البصرية مسحها التاريخي الذي يوفر لأول مرة في تاريخ البلاد قاعدة بيانات متكاملة و واضحة للمؤسسات الصحفية في  البلاد

إن هذه المعطيات فعلا تبعث على الإطمئنا والتفاؤل ولكن ما  شهدته هذه البلاد من حالات اختطاف  سوانح الاصلاح وبوارقه من طرف أعداء النهار ، أمر يجعلنا نتوجس على مستقبل مشروع  الاصلاح ، وهذا ما يجعلنا نطالب السلطات المختصة باختيار الكفاءات الوطنية الصادقة المؤهلة لتجسيد هذه التوجهات السامية على أرض الواقع ، ومن منطلق هذا التوجس والترقب نطالب  السلطات العليا ممثلة في رئاسة الجمهورية بالمتابعة الميدانية الآنية لمسار  الاصلاح كي لا يتم اختطافه وتحييده لصالح “جيوش الماضي”

كما نطالب وزير الثقافة الناطق باسم الحكومة بالمتابعة الشخصية لهذا  المسار من جهة ومن جهة أخرى بالتفكير جيدا قبل تشكيل لجنة توزيع  صندوق الدعم العمومي وله أن يسأل عن واقع اللجان السابقة وما  يلاحقها مما لا أريد التعرض له في هذه الزاوية (…)

أما طلبي  الثالث فموجه لرئيس السلطة العليا للصحافة والسمعيات البصرية الذي يتحمل مسؤولىة كبرى في تشكيل لجنة الصندوق لكونه هو من يعين رئيس هذه اللجنة ، وبدون مقدمات نرى من المناسب تكليف أو تشريف اللجنة التي اشرفت على المسح الوطني بالاشراف على توزيع الصندوق لهذه السنة ، حيث ستتمكن هذه اللجنة التي خبرت المؤسسات الصحفية جيدا من تنزيل نتائج المسح على المؤسسات الصحفية من حيث الاستفادة والحصص المستقحة لكل مؤسسة ، وتلك لعمري هي الخطوة المحورية التي بدونها يكون المسح الوطني مجرد عبث قامت به السلطة وبددت فيه مبالغ من المال العمومي ، ويقيني  أن “السلطة العليا” بقيادتها الحالية تفكر باسلوب مختلف تماما وتسعى لكل ما من شأنه تطوير القطاع واصلاحه وتمهينه

ختاما لا شك أن الزيادة التي اعلنها وزير الناطق باسم الحكومة زيادة معتبرة لكن ما ذا بعد هذه الزيادة ؟ وكيف سيتم ضخها في المشهد الاعلامي وفق آليات شفافة تسهم في تطوير المؤسسات الصحفية  الجادة ؟ 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى