افتتاحية الصدىالأخبارمقالات و تحليلات

غزاوني في عيد الصحافة .. هل نحن جاهزون “للتمهين” ؟؟ / محمد عبد الرحمن المجتبى

محمد عبد الرحمن المجتبى /رئيس التحرير

بادرة طيبة من رئيس الجمهورية محمد الشيخ الغزواني ، إتجاه المنشغلين بالمشهد الاعلامي الوطني ، تجسدت في تهنئته المفعمة بالوعود بتطوير وتمهين الحقل الصحفي في البلاد.

لاشك أنها بادرة غير مسبوقة ، تلقتها الأسرة الصحفية بارتياح كبير وبعثت بعض الأمل في نفوس تلبسها الأسى ،  واختطفها اليأس من وقع وإيقاع واقع مرير مشين ، يراد لهذه المهنة النبيلة وممتهنيها بصدق أن تكون قدرهم المحتوم ، وكأن هناك إرادة “مخزنية” أقوى من إرادة الدولة في إصلاح وتنقية هذا الحقل الحيوي ، الذي لن تتأتى أي تنمية مستديمة مادام يعيش وضعه المتعثر والذي يراد له أن يظل كذلك.

تضاف تهنئة الرئيس لنا معشر المنشغلين بالهم الصحفي في البلاد للنوايا التي عبر عنها بكل وضوح سابقا بنيته الصادقة والجادة في اصلاح الحقل وتنقيته.

ونحن إذ نثمن عاليا تهنئة الرئيس ونواياه المعلنة سابقا ونتطلع لتجسيدها واقعا معيشا في حياتنا المهنية اليومية ، نؤكد لفخامته كما وضحنا عبر هذه الزاوية في عدد الاسبوع الماضي أن ارادة الاصلاح يجب أن تتوفر لدى كل القائمين على المرفق الحكومي الوطني ، ولكي نوضح أكثر يجب ان نرى ترجمة عملية لنوايا الرئيس والتزاماته لدى القائمين من قريب أو بعيد على المشهد الصحفي في البلاد.

بيد أننا قد نجانب الموضوعية إن لم نضع النقاط على الحروف ونرمي بسؤال قد يكون محرجا لبعض أقطاب المشهد الإعلامي الخصوصي ، وهو هل نحن كإعلاميين وصحفيين وكروابط واتحادات جاهزون للتعاطي مع المعطى الحكومي الجديد المتمثل في تصميم أعلى سلطة في البلاد على إصلاح الحقل وتمهينه ؟

هل ندرك جميعا أن تهنئة الرئيس و وعوده الجديدة  بقدر ما هي مفعمة بالأمل ، مفعمة بالإحراج والتحدي ؟

ولكي يكون السؤال دقيقا ما ذا لو استدعنا الحكومة اليوم قبل غد للجلوس على طاولة تنقية وتطوير وتمهين الحقل الصحفي ؟ هل نحن جاهزون ؟

أعتقد بكل صراحة وبدون مواربة أننا جاهزون من حيث التصورات والافكار والشعارات ، لكننا عندما نصل للتفاصيل حيث تكمن شياطين الحقل ، وحيث تتعاظم الأنا وتتضخم وحيث تتجلى الشخصنة بكل إحباطاتها ، وحيث تتصارع المصالح الوهمية والمنافع الآنية ، وحيث تنشط “الخلايا ” الدخيلة على المشهد ، وحيث وحيث وحيث…

عندما نصل لهذه النقطة ستتجه بوصلة الإصلاح الموعود في أحد تجاهين إما الاخفاق والفشل – لا قدر الله –  حيث يعتبر أصحاب القرار أننا غير جاهزين و لا مؤهلين لما يصبو له الرئيس من تطوير وتمهين ، أو تسير البوصلة في أتجاه إجتهادي آخر قد يكون كارثيا وهو أن تحدد الدولة معايير إصلاح الحقل وفق رؤيتها ، في غياب من غيبوا أنفسهم بصراعاتهم و ومعاركهم الخاسرة في كل الأحوال.

من هذا المنطلق أربأ بالنخب الإعلامية الوطنية أن تظل في مربع الصراعات والعداوة الوهمية ، وتترفع عنها لتكسب لها وللمهنة والمهنيين معركة الاصلاح الجديدة ، بكل تواضع وكفاءة ، وعندها سيكتشف الجميع أن القادم أفضل وأن إصلاح الصحافة سيطور حياة الجميع للأفضل مهنيا واجتماعيا واقتصاديا وأخلاقيا ، وسيكتشف الصحفي قيمته الحقيقية عندما تكون هناك مؤسسات صحفية مهنية جادة ، ومؤسسات مهنية ترى مصالح تلك المؤسسات متمثلة في النقابات والروابط والاتحادات ، التي يجب أن من وجهة نظري أن تنصهر في جسم مهني موحد ، وتسعى من هذه اللحظة استباقا للوعود الحكومية لصناعة “مخاطب أوحد” للحكومة وللقطاع الخاص وللسلطة العليا للصحافة ولسلطة الاشهار.

هذا إن كنا صادقين مع أنفسنا جادين في إصلاح قطاعنا الموبوء والطارد للكفاءات والجاذب للتفاهات .

أما في حالة تشبثنا بأمراضنا الذاتية المزمنة ، فعلى المهنة السلام وعلى المهنيين التوجه لشاطئ الصيادين أو “لنقطة ساخنة” لتأمين لقمة عيش كريمة وشريفة.

 

المصدر : الصدى الورقية الاسبوعية  الصادرة بتاريخ 06 مايو 2020

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى