فضاء الرأي

في السبق الصحفي / الأستاذ محمدٌ ولد إشدو

الأستاذ محمدٌ ولد إشدو/ محامي وكاتب موريتاني

أنا مدمنٌ تصفحَ باقة موقع “موريتانيا الآن” النشط، رغم إدراكي لخطه السياسي وطابعه “الشعبوي” وذلك لإيماني بدور الإعلام ورسالته المقدسة. وعندما أكون خارج الوطن بالذات أظل أتجول بين عناوين هذه الباقة على علات بعض مواقعها لعلي أجد خبرا طيبا عن الأهل والوطن، أو أجد على النار هدى.

وفي رحلتي هذه كان أول ما صادفني مع بزوغ سنة 1439 للهجرة – على صاحبها البشير أفضل الصلاة والسلام- هو:

 “مجزرة للأطفال في قلب العاصمة نواكشوط”.. “كارثة في مستشفى الأمومة والطفولة يروح ضحيته عدد من الأطفال”.. “حريق في مستشفى يروح ضحيته عدد من الأطفال “.. “حريق في مستشفى يروح ضحيته ثلاثة أطفال”. وتبرع موقع آخر فجعل العدد ستة، وتوالت أنباء الموت: “وباء الذبح ينتشر في موريتانيا”.. ” ذبح ميكانيكي في تگانت” مقتل مدير في إحدى الوزارات، مقتل حارس لإحدى الشركات، موت موظف سامٍ، موت قيادي في أحد الأحزاب، موت مرشد الإخوان في مصر، موت خليفة التجانيين في السنغال (مع الخبر صورة للفقيد شاء الله أن تكون صورة وزير الثقافة الناطق باسم الحكومة) وعناوين أخرى مثل: “وتبخرت المعارضة” و”… موريتانيا جمود سياسي مريب والبلد نحو المجهول” و”حرب العلمين في موريتانيا” و”الرئيس مريض”.. الخ.

ثم أعلن بعضهم أن نهاية العالم – حسب الفلكيين- ستكون يوم السبت هذا. ناهيك عن الفضائح المجلجلة والمدوية والرهيبة التي تهز هذه المدينة أو تلك، والاغتصابات.. إلى آخر ما تتفنن فيه – وتهتم به- صحافتنا الألكترونية من شأن.

أحد المواقع يبدأ جميع أنبائه المعروضة بكلمة “وفاة”. والذي سبقه في الترتيب كان آخر أنبائه بتاريخ 9/4/017 عن إضراب لم يقع قط، ولعل بُعده في أقاصي اترارزه من المنجم المذكور يشفع له. وذهب موقع آخر في مقال يهجو به زعيم كوريا الشمالية تناغما مع القديس ترامب إلى الحديث عن “حقوق الأمسان” والكرامة “الإمسانية” و”العيش بكرامة واطمأنان” و”الإخفاء القصري” الذي تنتهجه كوريا الشمالية. وأعلن موقع آخر نبأ يتعلق بعاشق موريتانيا سعادة السفير لاري الذي “أعاد مراسيم زواجه على الطريقة الموريتانية” وهي شائعة روجت منذ أشهر وتم نفيها يومئذ.

لقد أيقنت وأنا أتصفح هذه المواقع أن بلدي قد أصبح كشيء كان وزال.

وكم هي مريرة ومؤلمة أنباء خراب الأوطان، فقعدت أنتظر نهاية العالم وقيامة المواقع ويدي على قلبي العاني. لكن ها أنا – والحمد لله- أعبر إلى الدقيقة الأولى – ثم الثانية والثالثة- من صباح الأحد والكون ما يزال بخير. ولعل موريتانيا – هي الأخرى- ما تزال كذلك؛ إذ جل ما نقلته صحافتنا الألكترونية عنها من أنباء سيئة كان إما خاليا من الصحة أو مبالغا فيه لأسباب ما.

هذا بعض ما يقدمه جل مواقعنا صانعة الرأي ومنيرة العقول من خبر إعلامي وفكري لشعبها. فهل الأسباب هي تلك التي تلوكها ألسنتنا صباح مساء دون أن نغير منها قلامة، أم إن وراء الأكمة ما وراءها؟

على كل حال أنا مقتنع بأن للدولة الموريتانية دورا نشطا في استمرار هذه الوضعية التي لعلها تجد فيها، أو يجد فيها بعض مفاصلها، ما يخدم مصالحه. فالغافل إذا لم ينبه فهو مأمور.

نبآن كانا بمثابة الغيض من فيض الذي ألهمني بعض السلو. وهما: نشر صورة نادرة لفضيلة الشيخ محمد عبد الله بن آده؛ ذلك العملاق الصوفي الذي حقق معجزتين: صوفية واقتصادية، في وادي بو امديد المبارك؛ وذلك الشيخ الأزهري المعمم الذي غنى بصوت جميل وأداء رائع إحدى روائع أم كلثوم. فتحية إليهما وإلى من اهتموا بنشر أخبارها.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى