افتتاحية الصدىالأخبارمقالات و تحليلات

ما ذا يحدث في البلاد ولمصلحة من يا ترى … ؟ / محمد عبد الرحمن المجتبى

محمد عبد الرحمن المجتبى /رئيس التحرير

    زاوية : قلم رشاش

المصدر : الصدى  الاسبوعية الصادرة بتاريخ 21-06-2021 : 

حالة رعب خطيرة تمكنت جهات إجرامية (ما) من فرضها على البلاد بين عشية وضحاها، في لحظة سياسية وتنموية مأزمومة ومرتبكة، يبدو أن النظام لا يتحسب لتجلياتها التراجيدية، التي بدأت تطفو على سطح المشهد منذ بعض الوقت، وليست حالة الرعب الهستيرية التي فرضها واقع وإيقاع الجرائم البشعة سوى تجل من تجلياتها الخطيرة، التي تهدد كينونة الدولة والمجتمع، فضلا عن مركزية النظام وسيطرته على الوضع..!!

نعم لا حديث في البيوت والشوارع والمكاتب، إلا عن جريمة قتل هنا، وجريمة اغتصاب هناك ، أما جرائم النشل والسرقة من البيوت والمحلات، فلم تعد تذكر في ظل هول الصدمة الشعبية من بشاعة الجرائم النوعية التي أصبحت العاصمة مسرحا لها ، الأمر الذي حدا بالكثير من الوطنيين والمغرضين لطرح سؤال جوهري هو هل منظومتنا الأمنية بخير ؟

وبدون الغوض في الإجابة على هذا السؤال المحرج حقا أعتقد جازما أن أجهزة الأمن الوطنية لديها القدرة الكاملة والجاهزية المطلقة لتطويق الجرائم الطبيعية ذات البعد الاجرامي الانحرافي وهي كثيرة للاسف الشديد وتتسارع وتيرتها بشكل خطير لاسباب كثيرة من بينها مثالا لا حصرا انتشار البطالة والمخدرات بشكل فظيع في البلاد حسب بعض المراقبين

لكن هل ما نشهده من فظائع حدث بدوافع أجرامية بحتة ، أي مجرد عصابات من شبابنا يجسدون بعض مظاهر أخفاقات نظامنا التربوي بشقيه الأسري والمدرسي، 

في تصوري الشخص أن الأمر أخطر وأعمق من ذلك ، والسؤال الذي يطرح نفسه اليوم بإلحاح شديد هو ما ذا يحدث في البلاد ولمصلحة من يا ترى ؟

هذا برأيي  المتواضع هو سؤال الأسئلة الذي سيشتم منه “البعض” رائحة “عقدة المؤامرة” ولكنني أعترف بها بكل وضوح، حيث أجزم أن وراء الأكمة ما ورائها ، فهناك مؤامرة كبرى تحاك في الخفاء ضد الوطن، ضد المواطن ، ضد النظام.. لكن من ينسج خيوط تلك المؤامرة الخطيرة يا ترى؟ ، إنه السؤال السهل المستعصي، ولكي لا نرجم بالغيب علينا أن نطرح السؤال بصيغة أخرى هي من المستفيد الأول من حالة الرعب الشعبية التي تعيشها البلاد بسبب هذه الجرائم البشعة التي كلما رفعت جاهزية المنظومة الأمنية كلما ضربت في الصميم بوحشية تدمي جبين الانسانية

ما هي إذن الجهة التي حرصت على استغلال الوجع الوطني لتألب الرأي العام ضد النظام ؟

وبعيدا عن أحداث اليوم دعونا نعود لذاكرتنا السياسية المثقوبة لنحاول استرجاع بعض الومضات السوداء التي تؤرشف حالة العبث الجنوني بأمن هذا الوطن ومواطنيه كلما كانت هناك مآرب سياسية شخصية لدى جهة سياسية ما في البلد ..!!!

ولنعد قليلا بالذاكرة الى الوراء حيث الممهدات الأمنية الخطيرة لما قبل تشكل الكتيبة البرلمانية التي أطاحت بأول نظام موريتاني منتخب ، وعبثت جرما وجنونا بأول تجربة موريتانية حازت على إشادة العالم ، وكانت تجسد نواة حقيقية لمسار ديمقراطي وتنموي ناجح و واعد.

هل تذكرون أحدات كنكوصة ونواكشوط وألاك وأخيرا حادثة إطلاق النار على الفرنسي أمام كتيبة الأمن الرئاسي ، هل تذكرون الحكايا والأراجيف والقصص المثيرة التي انكشفت كلها للراي العام عندما كشف صناعها عن وجوهم كقادة وطنيين غيورين على موريتانيا …

ما أشبه الليلة بالبارحة كل ما في الأمر ، إنها حليمة -لا قدر الله- تعود لعادتها القديمة

الفرق بين أحداث اليوم وأحداث الأمس أن الأولى موجهة بدقة وعناية لتشويه صوورة النظام القائم آنذاك لدى الشركاء الدوليين خاصة فرنسا والولايات المتحدة وبالتالي كان يجب أن يظهر النظام ضعيفا أمام محاربة الإرهاب تلك السلعة الرائجة في ذلك الوقت للتسويق للعواصم والدوائر الغربية

أما أحداث اليوم فتركز على تقويض سمعة النظام وحرقها داخليا لدى الرأي العام الوطني ولدى بسطاء الناس لذلك وجهت الضربات للمواطن نفسه لتسلبه أمنه في سربه بعد أن سلبت الظروف الاجتماعية والاقتصادية والجائحة الكونية قوت يومه

وطبعا يراد من هذه الأحداث التغطية على انجازات النظام الحالي وتحويلها إلى فشل ذريع وفساد مريع، وهذا ما حصل بالفعل بقوة نوعية الضربات الموجعة في خاصرة النظام والشعب ، من جهة وغياب الذراع السياسي والاعلامي (الناصح والمتوثب)  للنظام الحالي من جهة أخرى

وهذا ما يجعل البلاد اليوم على كف عفريت إن لم يستشعر نظام ولد الشيخ الغزواني خطورة الوضع، ويضرب بيد من عدالة على المتورطين الحقيقيين في إذكاء هستيريا الرعب الساعين لتقويض الأمن الوطني ونسف السلم المجتمعي ، وتأزيم الوضع السياسي والتنموي في البلاد ، فالعبث بأمن الوطن والمواطن خط أحمر يجب قطع كل الأيادي وحتى الرؤس التي يثبت بالبينات ضلوعها في إثمه وإفكه ، أما العبث بإنجازات أو حتى إخفاقات سنتين من عمر النظام الحالي فلا يقل خطورة عن ذلك لكونه يسير بالبلاد بخطى متسارعة نحو “الصوملة” أو “البومكة” (بامكو- مالي) لا قدر الله..

حفظ الله البلاد والعباد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى