الأخبارالصدى الثقافيفعاليات

ملتقى في الدار البيضاء لصياغة رؤى جديدة للعمل الثقافي العربي

عبدالعزيز التويجري: الثقافة ليست قطاعا ثانويا

الصدى – متابعات/

الدكتور عبدالعزيز بن عثمان التويجري المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو)،

قال الدكتور عبدالعزيز بن عثمان التويجري المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو)، إن القضية الثقافية، بكل تشعباتها وفي امتداداتها وبمفاهيمها العميقة وبدلالاتها الشاملة، هي قضية تستوجب العناية السياسية على أعلى المستويات، لأنها قضية سيادية بلا مراء.

 

وأبرز المدير العام في كلمة ألقيت بالنيابة عنه في افتتاح ملتقى حول “صياغة رؤى للعمل الثقافي العربي”، في الدار البيضاء، في الأيام القليلة الأخيرة، والمنظم بالتعاون بين وزارة الثقافة والاتصال المغربية والمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم “ألكسو”، أنه “ما دامت الثقافة بهذا القدر من الأهمية البالغة، وبهذا الوزن من القيمة والاعتبار، فإن بَحْثَ قضاياها بحثا شاملا، والتخطيط للارتقاء بها ولإنمائها وازدهارها، وتحديث وسائلها وتطوير مضامينها، وتفعيل تأثيرها على تقدم المجتمع وتطوره، كل ذلك يستدعي أن تُطرح في قمة عربية، بل وقمة إسلامية، فالثقافة العربية تتجاوز النطاق العربي، لأنها مرتكز الثقافة في العالم الإسلامي”.

 

 

الثقافة والنهضة

 

ذكّـر التويجري بأن الخطة الشاملة للثقافة العربية وضعتها المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم قبل ثلث القرن، وقبلها بقليل أَعدَّت المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة “الإستراتيجية الثقافية للعالم الإسلامي”، التي اعتمدها مؤتمر القمة الإسلامي السادس في دكار سنة 1991، مشيرا إلى أن هذه الإستراتيجية اعتمد صيغتها المعدلة المؤتمر الإسلامي العاشر لوزراء الثقافة المنعقد في الخرطوم مؤخرا، موضحا أن الخطة والإستراتيجية عالجتا قضايا الثقافة من جوانبها المتعددة.

 

وقال المدير العام للـ”إيسيسكو” إنه “إذا كان الرصيد التنظيري للمشروعات وللبحوث والدراسات حول قضايا الثقافة وعن المشاكل التي تعوق العمل العربي والإسلامي الثقافي المشترك، يعرف كثافة تشكل ثروة فكرية هي موضع التقدير من الجميع، فإن رصيد التطبيقات الميدانية للمشروعات والترجمة العلمية لنتائج البحوث والدراسات إلى مبادرات ملموسة، لا يَتَنَاسَبُ مع ذلك كلِّه. وهو الأمر الذي يعود إلى تَراَجُع في الاهتمام بالثقافة في السياسات العمومية، في الغالب الأعم، مما يتمثل في محدودية معدلات الإنفاق على العمل الثقافي، باعتباره، في تقدير غير سليم، يشكل قطاعا ثانويا”.

 

الثقافة يجب أن تنال نصيبا وافرا من العناية الرسمية باعتبارها قطاعا حيويا مثل الصحة والتعليم والأمن وغيرها

وأوضح أن هذه هي المشكلة الحقيقية التي تمثل العقبة أمام تطوير الثقافة وإنمائها وتعزيز تأثير الفعل الثقافي في المجتمع، بشكل عام، وإيصال ثمارها من خلال الخدمات الثقافية المتنوعة إلى الجمهور العريض من المواطنين. ولفت إلى أن بذلك تظل الثقافة في مرتبة متأخرة من اهتمامات الأجهزة الحكومية، مما ستكون له تأثيرات سلبية للغاية على الوعي الثقافي العام وعلى تحديث المجتمعات وتطويرها والنهوض بها في الميادين كافة.

 

وأضاف التويجري “حتى تنال الثقافة النصيب الأوفر من العناية الرسمية، وتحظى بالاهتمام المستحق لها، باعتبارها قطاعا إستراتيجيا، لا بد أن تَـتَصَدَّرَ جدول الأعمال للحكومات، مثل الصحة والتعليم والأمن وغيرها من القطاعات الحيوية الأخرى، ولذلك فإن عقد قمة عربية ثقافية سيكون تطورا نوعيا مهما بكل المقاييس، نرجو أن يُمهّد لانطلاقة ثقافية نهضوية، تُعيد للثقافة قيمتَها التي سُلبت منها وتعزّز تأثيرَها الفاعل على الحياة العامة، فلا تبقى الثقافة للمثقفين، بل تصير غذاء يوميا للفرد وللمجتمع وللشعوب العربية والإسلامية كافة”.

 

 

العربية والقراءة

 

أكد التويجري أن صياغة رؤى متطورة للعمل الثقافي العربي، تتوقف أساسا على مدى الوعي بالأدوار التي تنهض بها الثقافة، بالمدلول الدقيق والمفهوم العميق، في تطوير المجتمعات، وفي الحفاظ على الهوية الوطنية، وفي اكتساب المناعة لحماية الخصوصيات الروحية والثقافية والحضارية، بحيث يمكن البناء على أساس إيلاء العناية والاهتمام البالغين باللغة العربية، وإحلالها المكانة اللائقة بها في الحياة العامة، ورد الاعتبار لها بحيث تكون لها الأولوية على اللغات واللهجات العامية جميعا.

 

كما شدد على ضرورة العمل على تطوير العربية وتحديثها وإغنائها بالمفردات والمصطلحات الجديدة التي تساير المستجدات الحديثة في عالم اليوم، ونشر ثقافة القراءة على أوسع نطاق، تحبيبا فيها وتشجيعا عليها، من خلال تقريب الكتاب إلى جميع فئات المجتمع، بفتح المكتبات العمومية في المدن والقرى وفي النوادي الرياضية ودور الشباب وفي المطارات ومحطات القطار والحافلات، بحيث يكون الكتاب في متناول الجميع، وتصبح القراءة عادة متمكنة من جميع المواطنين من مختلف الأعمار.

 

ضرورة العمل على تطوير العربية وتحديثها وإغنائها بالمفردات والمصطلحات الجديدة التي تساير المستجدات

وفي هذا السياق لفت التويجري إلى ضرورة مراجعة قوانين المطبوعات والتوزيع وكفالة حرية الرأي والتعبير وحماية حقوق المؤلفين، لتيسير حركة التأليف والنشر ولتوسيع دوائر توزيع الكتاب والمطبوعات عموما، لتشجيع رواج الكتاب، وازدهار الفكر، وإغناء الثـقافة، وشيوع المعرفة، وتنوير المجتمع الذي يصنع النهضة، وتسهيل إجراءات انتقال الكتب بين الدول العربية، وخفض أسعار النقل الجوي للكتب، علاوة على فتح المجال الواسع لتَـبَادُل الإنتاج الثـقافي من دون عوائق، وإقامة المعارض المشتركة للكتب وتبادلُها.

 

وأبرز كذلك أهمية العناية بترقية الإبداع الفني والأدبي، وتشجيع المبدعين والفنانين، وتأسيس المسارح الحديثة في المدن، وتنظيم قوافل للمسرح المتنقل عبر القرى والأرياف، وإنشاء متاحف للآثار وللعلوم وللفنون التشكيلية، وتطوير ما هو موجود منها، بإدخال التقنيات الحديثة، وصيانة المآثر التاريخية والتشجيع على زيارتها، حتى يقبل الجمهور على ارتيادها والاستمتاع بها، وتخصيص الجوائز التقديرية والتشجيعية للمبدعين المتفوقين في مختلف حقول الفنون والآداب.

 

ودعا إضافة إلى ذلك إلى دعم مشاريع الترجمة من اللغات العالمية إلى العربية، والرفع من أجور المترجمين، وتشجيع المبادرات الخاصة للترجمة، والانفتاح على آفاق العلوم والآداب والفنون العالمية، والاقتباس منها، وترجمة أهم مؤلفاتها إلى اللغة العربية.

 

وخلص الدكتور عبدالعزيز التويجري في كلمته في الملتقى إلى القول “إن هذه مرتكزات ضرورية للنهوض بالثقافة العربية، تنسجم مع مضامين ‘الإستراتيجية الثقافية للعالم الإسلامي‘ للإيسيسكو، و‘الخطة الشاملة للثقافة العربية‘ للألكسو. وهما الوثيقتان التأسيسيتان اللتان تشكلان الأساس للعمل العربي الإسلامي الثقافي المشترك”

 

نقلا عن العرب اللندنية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى