مقالات و تحليلات

موريتانيا مظاهر فشل الدولة وتداعيات التعديلات اللا دستورية .. / د. محمد المختار ديه الشنقيطي

موريتانيا مظاهر فشل الدولة وتداعيات التعديلات اللا دستورية وفساد النظام ومؤسسات الدولة؟!…

موريتانيا اليوم تعديلات لا دستورية ونظام فاسد مفلس ودولة فاشلة فاقدة للبوصلة الحضارية ومواطنون موظفون في الفساد والتضليل والجل والشعوذة السياسية مردوا على النفاق وساسة من دونهم عاجزون تائهون حائرون؟!

13 مطلبا سياسيا مخالفا للقانون الدولي من دول الحصار الأربعة المذعورة من تداعيات رابعة والربيع العربي والإسلام السياسي، والمستعلية على دولة قطر، و13 مطلبا من المطالب السياسية التعديلية اللا دستورية والهادفة من نظام الرئيس محمد ولد عبد العزيز إلى تعديل الدستور وفي آخر مأموريته الدستورية الأخيرة من الشعب الموريتاني مغالبة وإكراها، والقاعدة الشرعية القانونية تقول”ليس على مكره طلاق”، ترى هل كان التزامن والتوافق في تلك المطالب من حيث الظرف والجهات والشكل والمضامين والأساليب مفاجئة وجاءت من غير موعد ولا تنسيق ولا تخطيط ؟!

ما عرفناه نحن من الاستقراء والاستنتاج أنها مطالب تعبر عن نمط من إفلاس لأنظمة مأزومة وفاشلة والتي لا تملك رصيدا يعتد به من الإنجازات التي تشفع لها في الواقع ولا رؤية علمية وواقعية للتنمية والعمران والتحديث الحضاري للمستقبل، وأن أنظمتها الفكرية والسياسية والإدارية مترهلة وخارجة عن سياق التاريخ وهي تتدحرج نحو تيه الدولة الفاشلة ؟

لقد تسابق فقهاء العلوم السياسية وخبراء الإدارة والاقتصاد وصانعو السياسة في العقود الثلاثة الماضية في إبراز وتحديد مفاهيم وطبيعة الدولة الفاشلة، وظاهرة انهيار الدول، وقد جاء الترويج السياسي لذلك المفهوم في أوائل التسعينيات من القرن الماضي في خطاب لمندوبة الولايات المتحدة الأمريكية قي الأمم المتحدة في سياق حديثها لحشد الجهود الدولية لمساعدة وإنقاذ دولة الصومال .

تعريف الدولة الفاشلة، أو أشباه الدول، أو الدول المنهارة، أو الدول الهشة، أو الدول الضعيفة، تسميات اختلفت في اللفظ واتحدت في الغاية والهدف والمعنى، وفي العلوم السياسية لا يوجد تعريف جامع شامل مانع لما يعنيه مصطلح الدول الفاشلة، إلا أنه وبشكل عام يشير إلى حالة من الإخفاق الوظيفي الذي تعاني منه الدولة الأمر الذي يؤدي إلى تآكل قدرتها وقدرة أنظمتها القائمة على الحكم بفاعلية وكفاءة، وهو ما ينتج عنه في أكثر حالاته سقوط وانهيار الدولة.

وقد ارتبط مصطلح الدولة الفاشلة منذ بداية استخدامه بالناحية السياسية بالدرجة الأولى وهو ما يعرفه الكثير من الدارسين والمهتمين في هذا المجال، حيث يطلق المفهوم على الدولة العاجزة عن القيام بمهامها كدولة حقيقية، تماما كحال الدولة الموريتانية اليوم مما نشاهده وتعايشه من سياساتها وممارساتها وعلى جمع المستويات والبوابات .

ويعد فشل الدولة أو انهيارها هو السبب الرئيسي الأهم والأبرز لمعاناة الإنسان كل الإنسان، كما أنه يشكل أهم الموانع والعقبات للتنمية المجتمعية والإقليمية والدولية، والأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي عنان يقول في خطابه 2005م،”إن فشل الدولة أو انهيار الدولة يشكل تهديدا للأمن الدولي في حالة تجاهله، حيث يخلق مشاكل يمكن أن تعود لتلدغنا” .

وقد ارتبط مصطلح مفهوم الدولة الفاشلة منذ بداية استخدامه بالناحية السياسية بالدرجة الأولى كالعجز والفشل في صياغة مشروع سياسي يلبي متطلبات المواطنين في الدولة ويحفظ هويتها ويصون وحدتها، وهو ما يعرفه الكثير من الدارسين والمهتمين بالعلوم السياسية والاقتصادية في هذا المجال، حيث يطلق المفهوم على الدولة العاجزة عن القيام بمهامها كدولة حقيقية في الجوانب السياسية والتعليمية والصحية والاقتصادية والاجتماعية وصيانة المكتسبات الوجودية والتاريخية، وتحقيق الرفاهية والسعادة لجميع مواطني الدولة، أهم مبررات وعوامل شرعية الدولة ومشروعة النظام السياسي ؟

إن تحقيق السعادة للمواطن العادي هو المعيار الأول لنجاح أي نظام سياسي، وكذلك ضمان وتوفر وحماية الحرية للمواطنين، بالإضافة إلى التقديس والاحترام والتطبيق الكامل للدساتير.

الواضح من كل التعريفات والسياقات أن عددا كبيرا من معايير الفشل تنطبق على العديد من البلدان العربية، ومن أبرزها فشلا في النظم والمؤسسات دولة بلدنا موريتانيا، وهو الفشل الذي في أصله وطبيعته ومظهره جاء نتيجة لعدد من التراكمات التي بدأت من عهد الاستعمار وصولا إلى الفشل الذريع الفاضح في ظل النظام العسكري المشئوم الذي فشل في بناء المؤسسات الوطنية والمكتسبات الوطنية ولو على شاكلة المؤسسات العسكرية في المحيط الإفريقي والعربي بصورة مقبولة وناجحة.

عالميا يصنف مؤشر الدول الفاشلة 178 دولة في العالم مستخدما في ذلك12 معيارا رئيسيا اجتماعيا وسياسيا واقتصاديا لقياس مدى فشلها، ومن تلك المعايير شرعية مؤسسات الدولة، ومشروعية النظام، واحترام حقوق الإنسان، وسيادة حكم القانون، ومظالم المجموعات المحلية، والتنمية غير المتوازنة.

وقد جاء تقرير المنظمات الدولية عام 2014م -الذي غير المسمى إلى دول هشّة- ليضع عددا كبيرا من الدول العربية والإسلامية ضمن قائمة الدول الأكثر فشلا وهشاشة، ومن أبرز تلك الدول المصنفة بلادنا المنكوبة بالنظام العسكري المشئوم موريتانيا الحبية.

وفي محاولة جادة لتفسير سبب احتلال تلك دول العربية لصدارة قوائم الدول الفاشلة، قام أستاذ علم الاجتماع في الجامعة التونسية منير سعيداني باستنطاق لتاريخ تلك الدول، وتوصل لاستنتاجات علمية مفادها إن الاستعمار ورّث الدول العربية لسلطات غير شرعية ولا مستقلة في القرار الوطني ولا في المجالات الاقتصادية والسياسة والعلاقات الخارجية.

وإن أضاف”أن الدولة الفاشلة ليست”قضاء وقدرا”،ويمكنها التحول لتصبح نماذج إيجابية عبر إتباع سياسات ديمقراطية وإصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية تشعر المواطن بأنها حريصة على مصالحه”.

فقهاء القانون الدستوري وعلماء السياسية يقولون عن حقيقة الدولة الفاشلة على المستوى الداخلي، وعلى المستوى الدولي، حيث يتمثل الفشل في تراجع قدرتها على التفاعل مع الوحدات السياسية كعنصر دولي كامل الأهلية، كحال دولة العسكر ومؤسسات القبيلة عندنا في موريتانيا مثال جمهورية عزيز الثالثة التائهة المجهولة الهوية والطبيعة ؟!.

وتتراوح المؤشرات على فشل الدولة بين العامل السياسي و الاقتصادي والاجتماعي وكل مؤشر منها يشكل سببا موجبا لفشل الدولة، وكذلك شرط التدهور والتدني الحاد في تقديم الخدمات الأساسية كالتعليم والصحة والسكن والتشغيل،الشيء الذي يظهر واضحا جليا في دولة العسكر ومشروع جمهورية عزيز الثالثة ما تلحظه، حيث الضعف البين والفاضح في تقديم الخدمات، خاصة إن كانت أساسية ومهمة حيث لا تزال النظم والسياسات تسير على النمط الفاشل الفساد العسكري القبلي التقليدي كحرمان من يعارض النظام العسكري القبلي المستبد الظالم من بعض الخدمات الرديئة البائسة التي تقدمها بعض المنظمات عبر مؤسسات الدولة، وليبقى شغل الشاغل للمواطن هو الحصول على أدنى حقوقه وحتى لا يتجاوز المواطن المطالب التي تراها الدولة وكأنها ليست من حاجته وفوق طاقته، الأمر الذي يحتم علينا أن نطلق على الدولة أنها على الأقل فاشلة سياسيا واقتصاديا أوفي طريقها إلى الفشل المضمون نتيجة للسياسات المتخلفة والفساد المستشري والمحسوبية المهيمنة والإقصاء والتهميش المسيطر والذي يمارس في حق جل المواطنين وانتشار البطالة في صفوف الخريجين، وتلك المقنعة في صفوف الموظفين ؟.

والمعروف عند علماء الإدارة وفقهاء السياسة أن العلاقة بين الحاكم والمحكوم هي عبارة عن وثيقة شراكة”عقد اجتماعي مبني على الرضا والاختيار”وهي علاقة  تؤطر العلاقة من خلال بيان الحقوق والواجبات وبناء على تطبيق بنود هذا العقد تكون شكل العلاقة بين الطرفين الحاكم الوكيل والمحكوم الموكل صاحب السلطة.

وطبيعة العقد أنه يلزم الدولة والحاكم بتوفير متطلبات الحياة الأساسية لكل مواطن من المأكل والمشرب والمسكن والتعليم والدواء والإضاءة، وتوفير العمل وغير ذلك من الحقوق والواجبات التي لا يستطيع الإنسان اليوم العيش بدون وجودها، وبمقتضى ذلك يكون للدولة على المواطن حق صيانة المؤسسات واحترام القانون والمحافظة على الأمن وتطبيق أوامر الدولة في كل ما فيه مصلحة البلاد والعباد.

وفي الحالة التي نكون فيها أمام عجز وفشل الدولة في القيام بواجباتها ومسؤولياتها تجاه رعاياها، فإننا سنجد كل المواطنين العاديين كحالتنا في ظل المأمورية الثانية لرئيس محمد ولد عبد العزيز يفقدون كل الثقة والأمل في السياسات والنظام والدولة ويحتجون لذلك بأن النظام ومؤسسات الدولة والمجتمع كلها أصبحت شخصية وعائلية ومافيوية، وأنها قد بدأت تسير على طريق الضياع والانهيار والفشل حال مشروع جمهورية عزيز الثالثة؟

الثابت علميا وتجربة أن الثورات الشعبية التي عرفها الوطن العربي أو ما يسمى”الربيع العربي” وما نتج عن إفشاله من صراعات وويلات ما هو في الحقيقة إلا نتاج وتراكم لممارسات الأنظمة السياسية العسكرية الفاشلة وما خلفته سياساتها وممارساتها من يطش والتهميش وظلم وفقر وبطالة وسوء خدمات، السمات البارزة لمختلف مؤسسات تلك الأنظمة والدول الفاشلة، فكانت النتائج قاسية وفادحة ومكلفة حيث تم علاج الفوضى الخلاقة والاستبداد والظلم والتهميش والإقصاء بفوضى اكبر وهي الثورات المضادة التي تحملت وزرها السعودية والإمارات الخائفتان من صدى رجيع الربيع العربي فكان الخراب أعظم والدمار أنكى  وأشد وأمر.

ودون الخوض كثيرا في الجوانب النظرية والتاريخية لمفهوم الدولة الفاشلة فإننا سنكتفي  هنا بالتركيز على إبراز المعايير الاقتصادية والتي تصنف على أساسها الدول بأنها دولة فاشلة، فعلى المستوى الاقتصادي يتفق الخبراء الدوليين وفقهاء العلوم السياسة والإدارة والعلوم الاقتصادية على القول بأهمية ومصداقية مؤشر: التدهور الكبير في عناصر الاقتصاد الداخلي للدولة ويشمل الدخل القومي، وسعر الصرف، والميزان التجاري، ومعدلات الاستثمار، وتقييم العملة الوطنية، ومعدل النمو، والتوزيع، والشفافية، والفساد، والتزامات الدولة المالية .

عدم القدرة على تقديم قدر معقول من الخدمات العامة للمواطنين موازاة مع تدهور الخدمات المتوفرة وعدم القدرة على التجديد.

غياب التنمية الاقتصادية العادلة في التعليم والوظائف والدخل، ومستويات الفقر، وتزايد النزعات الثنية، وتهميش فئة الشاب التي تعتبر جوهر العملية الاقتصادية بإمكانياتها وقدراتها التي لا تنضب.

غياب الرقابة والمحاسبة الحقيقية التي تقوم على مبدأ الجميع تحت القانون،

تفاوت كبير في الطبقات الاجتماعية لتنحصر في طبقتين إحداهما فاحشة الثراء وأخرى مسحوقة، بالإضافة إلي غياب الطبقة الوسطى التي تعتبر علامة التوزيع الجيد للثروة.

،  غياب التوازن الفرص الاقتصادية، لتحتكرها أقلية مميزة

. ارتفاع أعداد المواطنين الذين يعيشون تحت خط الفقر

فتصبح الدولة فاشلة عندما يدب الضعف والتصدع في مؤسساتها الاقتصادية أو أذرعها الإنتاجية

كغياب القدرة على تطوير وسائل الإنتاج والموارد الاقتصادية

الريعية ومحدودية الموارد الاقتصادية مثل النفط بالنسبة لكثير من الدول العربية

ازدهار الفساد على نطاق تدميري، كذلك الإسراف في مشروعات دون جدوى، على حساب التعليم والإمداد الطبي

تمركز الموارد بالدولة في مؤسسات محددة مثل البنك المركزي وإهمال باقي المؤسسات في الدولة

تصبح الدولة عامل طرد للمشاريع التنموية القادرة على تحريك عجلة النمو الاقتصادي واستبدالها بمشاريع وهمية لينتفع بها قلة من أصحاب المناصب والسياسيين

والثراء على حساب الدولة، حيث تفشل عندما تفقد وظيفتها الأساسية، وتتقلص شرعيتها، وقد تنتقل من الفشل إلى الانهيار

اللجوء إلى المساعدات الخارجية والقروض دون أن يكون هناك أي تطوير حقيقي ملموس وهو الأمر الذي يرتب مديونية متصاعدة ترهق كاهل الموازنة العامة

عندما يصبح الاقتصاد عامل ضغط على الدولة ولي ذراعها من الدول الأخرى

للمزيد حول تصنيف الدول لعام 2015 انظر الرابط التالي

ختاما يعتبر العامل الاقتصادي عامل أمان واستقرار للدولة، وقوة اقتصاد الدولة هو دليل على سلامة سياستها الداخلية وامتداداتها الخارجية، واقتصاد أي دولة هو محرك ازدهارها وتطورها وضمان كسب احترام الدول الأخرى، لكن من جهة أخرى إن انعدام الأمان الاقتصادي وهو ما نراه في كثير من بلدان المنطقة والعربي منها وهو قنبلة موقوتة معرضة للانفجار في أي وقت إذا لم تتخذ الإجراءات تلبي حاجات مواطنيها وخصوصا في بلدينا الشرائح الاجتماعية والجماعات السياسية والشباب والذي ظل وعبر التاريخ يقود الثورات والاحتجاجات في شتى أقطار الدنيا مطالبا بحقوقه، وبالتالي تكون الدولة في هذه الحالة فاشلة اقتصاديا ومنهارة داخليا ومعزولة خارجيا ومنبوذة وطنيا كحال الدولة عندنا في ظل مشروع جمهورية عزيز الثالثة وعلى شاكلة الجنس الثالث ؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى