إفريقي ومغاربيالأخبارتقارير ودراسات

هل تتجه العلاقات المغربية الجزائرية نحو «التطبيع»؟

صورة ارشيفية تجمع ملك المغرب محمد السادس والرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة

فتحت زيارة وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، للجزائر، وهي الأولى من نوعها لمسؤول مغربي بهذا الحجم منذ سنوات، باب التأويلات لإمكانية استعادة العلاقة الطبيعية بين البلدين. وقد حظي بوريطة بترحاب كبير من نظيره الجزائري عبد القادر مساهل، الذي قال إنّ الحدود بين البلدين لا يمكنها أن تبقى «مغلقة للأبد»

 

الجزائر | محمد العيد

تبادلت الجزائر والمغرب رسائل تهدئة بعد فترة طويلة من توتر العلاقات بين البلدين الجارين، وذلك إثر الزيارة التي قام بها وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، للعاصمة الجزائرية أول من أمس، في إطار حضوره اجتماع وزراء «حوار5+5» بين دول ضفتي البحر المتوسط. وعلى الرغم من أنّ الزيارة لا تدخل في إطار العلاقات الثنائية، إلا أنها شكلت حدثاً رمزياً مهماً، اهتم له الإعلام الجزائري أكثر من الاجتماع نفسه، نظراً لكون زيارة الوزير المغربي تأتي بعد نحو 6 سنوات من عدم تبادل الزيارات على هذا المستوى بين البلدين، إضافة إلى السياق المضطرب الذي اتصفت به علاقات البلدين في الأشهر الماضية.

 

ومما زاد الاهتمام بزيارة بوريطة، الاحتفاء الكبير الذي استقبله به وزير الخارجية الجزائري للشؤون الأفريقية، عبد القادر مساهل، الذي تبادل معه السلام بحرارة، وظهر ممسكاً بيده وهما يدخلان قاعة الاجتماع، في لقطة أثارت الكثير من التعليقات، لكونها تأتي بعد التصريحات غير المسبوقة التي هاجم فيها مساهل المغرب، والتي خلّفت ردود فعل قوية من الرباط. وكان مساهل قد ذكر في نهاية تشرين الأول الماضي، أن المصارف المغربية المنتشرة في أفريقيا تقوم «بتبييض أموال تجارة الحشيش»، مستنداً كما قال إلى كلام سمعه من رؤساء دول أفريقية. وأضاف اتهامات أخرى إلى شركة الخطوط الملكية المغربية، التي قال إنّها «تنقل أشياء أخرى غير المسافرين».

لم يفوّت الوزير المغربي مناسبة زيارته للجزائر ليجدد رفض بلاده لتصريحات نظيره، مضيفاً في الوقت نفسه أنّ «استقرار المنطقة أمر أساس وثمين جداً… وهو لا يتم من خلال تصريحات طائشة». برغم ذلك، لم يعلّق مساهل على ما قاله نظيره المغربي، واستمر في استعمال لغة «تصالحية»، وذلك من خلال تصريحات للإذاعة المحلية الرسمية قال فيها إنّ الحدود مع البلدين «لن تبقى مغلقة للأبد».

 

 

زيارة وزير الخارجية المغربي للجزائر هي الأولى منذ 6 سنوات

 

وغالباً ما يجيب المسؤولون الجزائريون بشأن مسألة الحدود التي تُعَدُّ أكثر مظاهر التوتر بين البلدين، بتحميل الطرف المغربي المسؤولية، وهذا ما يعني تغير النبرة قليلاً، حتى وإن كان الوزير الجزائري لم يقدِّم أي إشارة بخصوص مناقشة هذا الملف مع المغرب. واكتفى مساهل بالقول، إن «الطريق السيّار الذي أنجزته الجزائر والذي يصل إلى غاية الحدود المغربية، يدل على أن الحدود لن تبقى مغلقة وستُفتَح بعد الاستجابة لمجموعة من الشروط».

ومن المعروف أنّ الجزائر تطرح ثلاثة شروط لفتح الحدود مع المغرب المغلقة منذ عام 1994، أولها تسوية الأوضاع الناتجة من قرارات تأميم ممتلكات الجزائريين المقيمين في المملكة عقب قرار إغلاق الحدود من طرف واحد، وثانيها تقديم المغرب اعتذاراً رسمياً إلى الجزائر التي اتُّهمَت بالوقوف وراء عملية إرهابية في المغرب، ما حدا السلطات المغربية إلى فرض التأشيرة على الجزائريين، وهو ما بادلته الجزائر بإغلاق الحدود. أما الشرط الثالث، فهو وقف ما تعتبره الجزائر إغراقاً لها عبر حدودها الغربية بمئات الأطنان من «المخدرات المغربية». ويثير ملف المخدرات قلقاً بالغاً لدى السلطات الجزائرية، إلى الحد الذي وصف فيه الوزير الأول الجزائري، أحمد أويحيى، قبل أسبوع، ما يقوم به المغرب بـ«الاعتداء الحقيقي على الجزائريين من خلال محاولة تسميم شبابهم وكبح مسار تنميتهم»، كما اعتبر ذلك «إهانة خطيرة للشعوب المغربية».

وفي موضوع «المغرب العربي» الذي يشهد مساره تعطيلاً بسبب الخلافات بين البلدين، أكد مساهل أن الجزائر لم ترفض مسبقاً المشاركة في أي اجتماع بين البلدان المغاربية، كذلك فإنّها تظل منفتحة على كل المبادرات التي من شأنها تقوية الاتحاد. وكان الملك المغربي محمد السادس، قد أشار في مؤتمر الاتحاد الأفريقي، قبل نحو سنة، إلى ما اعتبره موت الاتحاد المغاربي بسبب الجمود الذي أصاب مؤسساته لمدة طويلة والذي وصل إلى حدٍّ لا يمكن معه إعادة إنعاشه. لكن الجزائر في مقابل ذلك، ترى أن المغرب هو المعطل لهذا الاتحاد بسبب إصراره على إقحام موضوع الصحراء الغربية، الذي تعتبره الجزائر قضية تصفية استعمار، بينما يرى المغرب أنّ هذه الأراضي هي جزء من حدوده.

وتناضل عدة أحزاب في الجزائر من أجل فتح الحدود مع المغرب وتطبيع العلاقات معها، وأبرزها حزب «جبهة القوى الاشتراكية»، و«التجمع من أجل الثقافة والديموقراطية»، إضافة إلى «حركة مجتمع السلم» المحسوبة على التيار الإسلامي، التي سبق لرئيسها عبد الرزاق مقري، أن اعتبر أنّ استمرار إغلاق الحدود يخدم شبكات التهريب بكل أنواعها، على رأسها تهريب المخدرات، لأن ذلك «يتيح للمجرمين التخفي وسط المواطنين العاديين من الجهتين، الذين يضطرون إلى المرور عبر الحدود خارج القانون».

 

المصدر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى