مقالات و تحليلات

«سلطان العالم».. وعودة العراق وسوريا / خالد عمر بن ققه

خالد عمر بن ققه / كاتب وصحفي جزائري

مع أنني من غير المتحمسين للذهاب بعيداً في الانشغال بالتراث لسببين، أهمهما أنه يخص فئة من الباحثين عليها واجب التخصص فيه، لترشدنا بأهميته عندما تقتضي الحاجة ذلك، وثانيهما أن الانشغال به، بشكل جماعي، يلهينا عن الحاضر ولا يغنينا، ويجعلنا رهناً لأفكار من سبقونا، سواء اتخذ أصحابها طريق الرشاد أو الغي.

 

لكن أجدني اليوم أستعين بالتراث في أجواء الانتخابات الأمريكية الراهنة باعتبارها حدثاً عالمياً، تؤثر فينا نتائجه، خاصة أننا وصلنا إلى درجة الاعتقاد، وهماً، أن الرئيس الأمريكي هو حاكمنا الفعلي، من منطلق أنه هو من يقرر لنا السلم والحرب، الحقوق والواجبات، ومسارات الحركة، وأساليب العيش.

 

كثيرون منا ينتظرون، بلهفة وخوف، قرارات الرئيس الأمريكي الجديد «جو بايدن» في قضايانا المصيرية، ومن بينها الموقف من الحرب الظالمة الدائرة في العراق وسوريا، وهما أهم موقعين للعرب في الصراع اليوم، ذلك أن العدو في فلسطين، وفي اليمن، وفي ليبيا، يأخذ في الغالب طابعاً أحادياً، رغم تقاطع المصالح مع قوى مختلفة، أما في العراق وسوريا، فإن الوضع مختلف، ما يعني أن موقفنا من القرارات الأمريكية المقبلة، يتحدد من طريقة تعاملها مع الوضع في العراق، الذي احتلته ثم سلمته لإيران وتتباكى عليه اليوم، أو هكذا تدعي، وسوريا التي أجبرتها وحلفاءها على الاستنجاد بروسيا، والاستعانة بإيران وميليشياتها.

 

الولايات المتحدة الأمريكية من مصلحتها وجود قوى مختلفة في قضائنا العربي، احتلالاً وتخويفاً ونهباً للثروات، لتوهمنا بالحماية منها، وهنا علينا لوم أنفسنا، ذلك لأننا لا نزال أسرى الماضي، في الوقت الذي تصنع فيه أمريكا حاضرها، مع أن الشاعر السوري القديم «ابن الوردي» (عمر بن مظفر بن أبي الفوارس) قال منذ أكثر من سبعة قرون خلت في وصيته لابنه:

 

لا تــقـــل أصـــــلي وفـــــصلـــــي أبــــــدا

 

إنـــــمــــا أصـــــل الفــــتـــى ما قد حصل

 

قـــيــمة الإنــــســــان مــــــا يـــُـحسنــــــهُ

 

أكــــثــــــر الإنســــــان مـنـه أم أقـــــــــل

 

جـــــانــب السلـــــــطان واحذر بطشـــــــه

 

لا تعــــــاند مــــــن إذا قـــــــال فعــــــــــل

 

أمريكا هي سلطان العالم اليوم لذلك نخاف بطشها، لكن هذا لا يحول دون تأثيرنا في قراراتها من خلال فعل عربي، يظهر لها وللعالم ما نُحسن صنعه، كل في موقعه، ومن منصة الإعلام نقول: إن العمل على عودة العراق وسوريا لدورهما العربي والعالمي، يحدد مستقبل علاقتنا بالولايات المتحدة، حتى إن رأي كثير من السياسيين العرب، أن هناك قضايا أخرى أهم.

 الرؤية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى