الأخبارصدى الملاعب

في الجماهير تكمن المعجزات ، ومن كرة القدم تستخلص العبر ! / المختار اسباعي

في العادة ، أن بعض الصور لا تفارق الذهن ، وعلى غير العادة أن الأمس بكل صوره و لحظاته ، باق يغشاه الرسوخ في خلد كل من حضر ، أو من من خلف الشاشات ألقى السمع و نظر ..!

لم يكن ما حدث على أرضية الملعب ، بمنأى عن ما في مدرجاته ، بل كان النسق واحدا ، يمت لبعضه بصلة وثقى ، عزف منفرد متناسق يتغذى على وتر اللاعبين و ألحان المشجعين ، ووطن يتلألأ في السماء ، و يتجسد على وجوه العشاق ، وفي قلوبهم و أصواتهم ، في لوحة إلتحم فيها القوي و الضعيف ، و الصحيح و المعوز..!

وعد المشجعون في طريق التطور ، أن الأمس بداية عهد جديد لكيانهم وليد الحدث .! فاحتفل به اللاعبون فوزا ، تمخض عن هدفين في مرمى أبناء بانغي ..!
وأثمر اتحاد المشجعين في المقابل ، وطنا واحدا ذابت فيه الفروق و الألوان ، سوى أخضر المجد و أصفر الإنتماء و أحمر مخضب بتاريخ الأجداد ..!

أذهلت الصور القادمة من ملعب شيخا بيديا ، الحاضر و الغائب ، فعبرت الحدود إلى ما وراء الذهول و الروعة ، ووصلت مشارف الجمال الذي يصعب وصفه ، فحق للشعبية الرياضية الموريتانية ، أن تفخر بنفسها و ما قدمت ، ووجب على من تخلف عن الركب في حدث الأمس ، أن يشيد و يثمن ، و ينوي قضاء الفائتة ، و يقطع على نفسه عهدا ، أن لا يفوت المشهد في المرة القادمة ، فليس من سمع كمن رأى ..!

إن التطور يهدي للتطور ، و يحفز على البذل و العطاء ، و حقيق بالكرة الوطنية السالكة لدرب النهوض ، أن تواكبها حيوية جماهيرية ، تنم عن وعي بقيمة اللعبة ، و ما يمكن أن يصل له الوطن من خلالها ..
بيد أن المستغرب في خضم هذه الثورة الإيجابية ، تخوف رجال الأعمال و نكوصهم عن دعم الرياضة و الإستثمار فيها ، وهي الكنز لمن سبر أغواره ، وصبر على ثماره ، وفهم قوانيه و أسراره ، أرض خصبة للربح و الكسب ، دلف العالم المتقدم لعالمها ، فناطح الثريا ، وبلغ بها حدود الحدود ، فكم من بلد صغير ، سوته كرة القدم كبيرا بين أقرانه ، و أوصلت صيته إلى ما وراء البحار ..!
النماذج كثيرة ، بادية للعيان ، مكشوفة لمن اطلع على تاريخ اللعبة في البلدان ، سيرى كيف تطوروا من خلالها ، وكيف آلفت القلوب ، ووحدت الشعوب ..!

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى