افتتاحية الصدىمقالات و تحليلات

شركات الاتصالات … المنافسة (الرائعة) في رداءة الخدمات …!!!/ محمد عبد الرحمن المجتبى

محمد عبد الرحمن المجتبى /رئيس التحرير

تصور معي عزيزي القارئ أن جائزة وطنية لرداءة الخدمات ، والوقاحة في التعاطي من المستهلكين تم الإعلان عنها ، ستكون من نصيب أي الشركات العاملة في مجال توفير خدمات الإتصالات في البلاد ؟

وكأني بلجنة التحكيم أعانها الله في حيرة من أمرها لما تحظى به كل واحدة من هذه الشركات من مؤهلات جلية وقوية  بالفوز بالجائزة بكل جدارة واستحقاق ، (تكاثرت الظباء على خداش فما يدري خداش ما يصيد)

وفي ظل منافسة محمومة على جائزة واحدة ، اقترح شخصيا حجب الجائزة تفاديا للاحراج ومنحها بكل استحقاق لسلطة التنظيم التي تستحقها بكل جدارة لإشرافها الميداني على استهتار هذه الشركات بالمستهلكين واستنزافها لموارد المواطنين والمقيمين في البلاد

فشركات الاتصالات في بلادنا لا يهمها سوى استنزاف جيوب المستهلكين مقابل خدمات رديئة وأحيانا معدومة ، كما أن تعاطي هذه الشركات مع المستهلك في مقراتها تطبعه سلطوية مبالغ فيها وحالة من التعالي لا مبرر لها

ورغم أن خدمات الاتصالات والإنترنت، لم تصل في البلاد للجودة التي تتسم بها في البلدان المجاورة ، إلا أن حالة الاتصالات الهاتفية وخدمات الانترنت خلال الشهور الأخيرة هي الأسوأ في تاريخ هذه الشركات ، ويكفي أن تطل على شبكات التواصل الاجتماعي لتكتشف حجم الشكاوي من رداءة هذه الخدمات ومع ذلك لا تحرك هذه الشركات ساكنا نحو تحسين الخدمة.

فالغريب المريب في هذه الشركات هو عدم إكتراثها بشكاوي المواطنين والمستهلكين، و تجاهلها التام لصيحات وتنبيهات الصحافة و المدونين ،وكأنها غير معنية بها إطلاقا أو كأن الأمر يعني شركات أخرى.

فما يجمع عليه المستخدمون لخدمات الاتصالات والانترنت في البلاد هو غلاء الخدمات وردائتها ، و إصرار هذه الشركات على تقديمها بالطريقة الاستفزازية التي ترى هي ، بدون أن تفكر في تحسين صورتها لدى المستهلك ، وهذا في الحقيقة يستبطن عقلية خطيرة تشي بنظرة خاصة للمستهلك المحلي لا تليق بشركات استثمارية كبرى يفترض أنها معنية بالضوابط الاخلاقية قبل الضوابط القانونية ، التي ترمي بها عرض الحائط ، كما تعكس هذه الظاهرة حالة أخطر منها وهي تفرج مصالح الضبط الحكومية على استهتار واستنزاف شركات استثمارية لجيوب المواطنين بدون وجه حق  (رغم أننا ندرك مبررات ذلك المشينة و قد نكتب عنها في وقت لاحق )

الواقع أن هذه الظاهرة تتسم بها كل الشركات الخدمية في البلاد بما فيها شركتا الماء والكهرباء اللتان قد نحتاج لمجلدات لتحبير سوء ورداءة خدماتهما ، لكنهما على الرغم من ذلك أكثر احتراما للمستهلك من شركات الاتصالات العاملة في البلاد

فمعلوم أن كل مستهلك في البلاد تصله فاتورة الماء والكهرباء في بيته ويمنح مهلة لسداد الفاتورة قبل قطع الخدمة عنه ، في حين أن شركات الاتصالات العاملة في البلاد ، لا تكلف نفسها عناء توصيل الفواتير للمستهلك ،  بل على المستهلك أن يأتي بنفسه ويدخل في طوابير مهينة لكي يحظى بالحصول على فاتورته الشهرية ، وبعد ذلك يدخل في طابور آخر مماثل لكي تتفضل عليه الشركة مشكورة باستلام المبلغ لتعود له الخدمة التي قد لا يستفيد منها طيلة شهر كامل ولكن عليه أن يسددها مسبقا ، وإذا لم يسدد فستقطع عنها وستظل الفواتير تتراكم عليه حتى يسدد مع أن الخدمة مقطوعة أصلا .

ومن استهتار هذه الشركات بالمستهلك الموريتاني أنها لا تقدم أية عروض خاصة في المناسبات الوطنية باستثناء العروض الاستنزافية المتعلقة بالرصيد (الوهمي)

وحتى في الأزمات التي تمر بها البلاد لا يلمس المستهلك أي تناغم أو إهتمام من هذه الشركات به ، صحيح أنها تبرعت لصندوق كورونا ببعض الفتات الذي تعوضه في ليلة واحدة من مكالمات حي واحد من أحياء العاصمة ، في حين أن هناك الكثير من العروض ووسائل الدعم والمساندة للمستهلك كان بإمكان هذه الشركات تقديمها لكي يشعر المستهلك باهتمامها به ، فمثلا لو كانت هذه الشركات تضامنت مع المستهليكن خلال فترة حظر التجوال الليلي وقدمت ساعة مجانية كل ليلة من الانترنت ونصف ساعة من المكالمات المحلية وربع ساعة من المكالمات الدولية ، لكان لهذا العرض أثره البالغ في نفوس المستهلكين

لكنها بعيدا عن ذلك لو كانت  فقط حرصت على تقديم خدمات جيدة ( كاملة غير منقوصة) لكنا لها من الشاكرين

هذا غيض من فيض مما يتعلق بسوء خدمات شركات الاتصالات في البلاد ، أما ما يروى لنا  عن ما  يحدث داخل هذه الشركات من صفقات مشبوهة ومعاملات مريبة فأمر يشيب له الولدان وتفلس منه البلدان ، والحديث عنه وكشفه للرأي العام لا يتطلب منا سوى استكمال التوثيق لبعض الوقائع والمستندات. 

 

المصدر : صحيفة الصدى الورقية الاسبوعية الصادرة بتاريخ 15 جمادى الأولى 1442هـ الموافق 30/12/2020م 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى