أخبار موريتانياالأخبارمقابلات

“الصدى” خاص : هل وقعت المعارضة للرئيس غزواني على بياض ؟ حوار شامل مع زعيم حزب الصواب الدكتور عبد السلام ولد حرمه

د . عبد السلام ولد حرمه / رئيس حزب الصواب عضو البرلمان الموريتاني

هل وقعت المعارضة للرئيس غزواني على بياض ؟

زعيم حزب “الصواب” النائب البرلماني  الدكتور عبد السلام ولد حرمه “للصدى” :

  • عوامل ثلاثة جعلت المعارضة تفتح صفحة جديدة مع النظام الجديد …!!!

  • عمق الفساد في البلاد وتجاربه الكارثية يفرض علينا كمعارضة مواجهته بكل الوسائل والاليات غير التقليدية

  • لا بد من بحث المعضلات الكبرى التي تشكل أعطابا بنيوية في النظم السياسية و المؤسساتية الوطنية

  • لدينا مشروع مشترك مع الزعيم بيرام ولكل منا رؤيته الخاصة

  • لجنة التحقيق البرلمانية … حلم المعارضة الذي جسدته الموالاة ..!!!

هل وقعت المعارضة الموريتانية للنظام الجديد  برئاسة محمد ولد الشيخ الغزواني على بياض ؟ ذلك هو السؤال الذي يطرحه واقع المشهد السياسي الموريتاني ، بل ربما يشي به تعاطي المعارضة “المهذب” مع مختلف الأحداث الوطنية التي تشهدها البلاد منذ وصول الرئيس غزواني للسلطة.

طبعا لا حظنا إنتجاع قوى معارضة كثيرة في مضارب و مرابع  و “مراتع” الموالاة والحزب الحاكم .

لكن الأحزاب التي  ما زالت تتخندق في خندق المعارضة ، لا تتعاطى مع المعطى الحكومي اليومي بنفس النفس النقدي الحاد الذي طبع خطابها في السابق .

صحيح أن النظام الجديد أرسل إشارات إيجابية للمعارضة ، واستقبل قادتها وأظهر قدرا كبيرا من إحترام المعارضة ورموزها ، لكنه في نفس الوقت أبدى بكل صراحة عدم قناعته بأهم مطلب لدى المعارضة وهو الحوار الوطني الشامل  من خلال أيام تشاورية جامعة.

فما ذا تنتظر المعارضة من نظام يعدها بكل شيئ سوى الحوار ونقاش المعضلات الوطنية الكبرى.

لإستطلاع بعض أراء المعارضة حول علاقتها مع النظام الجديد  ، تحاور “الصدى” في هذا العدد النائب المعارض زعيم حزب “الصواب” الدكتور عبد السلام ولد حرمة لتناقش معه في حوار شامل ، علاقة المعارضة والنظام و مختلف القضايا الوطنية التي تشغل الرأي العام الوطني حاليا.

وهذا نص الحوار :

حاوره : رئيس التحرير / محمد عبد الرحمن المجتبى

 بداية وكمدخل مباشر لهذا الحوار ، هل تعبت مراكب المعارضة من المعارضة ؟ وهل وقعت للرئيس  الجديد غزواني على بياض ؟أم انها تمنحه فترة سماح مفتوحة ، تشجيعا له على القطيعة من “نهج” سلفه ولد عبد العزيز ، وكأن  كل مرامي  المعارضة تتجسد في إخراج ولد عبد العزيز من المشهد ؟

 

  • فعلا المعارضة دخلت مرحلة سياسية جديدة مع وصول النظام الجديد للسلطة ، لأن العمل السياسي لا يحدده سوى أصحاب المواقف السياسية ، وأطراف المشهد السياسي في البلاد ، والمعارضة بعد انتخاب الرئيس الحالي محمد ولد الشيخ الغزواني دخلت مرحلة جديدة تتميز بطابعين إثنين ، أولهما هو حجم التحديات التي يواجهها البلد ، في ظروف صراع أصبح واضحا في أجنحة السلطة ، وبارزا للعيان، وبطبيعة الحال ينبغي أن يكون لدي المعارضة موقف لصالح الطرف الذي تؤمل فيه أن صناعة انتقال جوهري  لتحسين المناخ الديمقراطي ، في ظل يأسها وإحباطها الكبير من النظام السابق على مدى عشر سنوات ، وفي ظل المخاوف التي كانت لدى المعارضة من تجديد النظام لنفسه أو مواصلته لنفسه من خلال مأمورية ثالثة ، أو من خلال وكيل يحل محله ، ويهيئ له ظروفا أخرى للاستمرار ، و هذه المخاوف بدأت الى حد ما تتبدد في ظل وجود خلاف حقيقي بين الطرفين

والمعطى الثاني هو أن النظام الجديد أرسل إشارات واضحة وقوية وإيجابية إتجاه المعارضة ، فيما يتعلق بانفتاحه عليها ، واستعداده للحوار والتشاور معها حول القضايا الكبرى في البلد.

وبالتالي هذا المعطى والمعطى الذي ذكرت قبله جعلا المعارضة خدمة لأهدافها ، ومصالحها السياسية تفتح صفحة جديدة مع هذا النظام ، لا تعني اللالتحاق  ولا تعني تغيير مواقعها ومواقفها السياسية ، و إنما تعني فتح نسق جديد من التصورات مع النظام الجديد ، على أمل أن يؤدي لمسألتين ، إما أن يؤدي لحوار وتشاور حول القضايا الوطنية الكبرى، التي كانت تطالب بالحوار والتشاور حولها ، وإما أن يؤدي للتعاون مؤقتا ، وفتح صفحة جديدة من التعاطي السياسي لا يطبعها الصراع والتباغض ، ونفي الآخر والقضاء عليه ، وإنما التعايش في نظام كل طرف فيه يحترم خياراته ومواقفه التي اختار لنفسه ،

و أخيرا جاء عنصر جديد ثالث ، عزز هذا التوجه ودفع به إلى الأمام ، ويتمثل في الأزمة الصحية العالمية ، التي اختفت في ظلها كل مظاهر التعدد السياسي والتعدد القطبي في الدول ، وكانت المعارضة مضطرة بحكم مسؤوليتها التاريخية ، أن تدعم النظام  في توجهاته ،  التي كان الكثير منها صائبا وإيجابيا في مواجهة الازمة،  ومحاصرة الوباء والتعاطي معه ، وبالتالي هذه المرحلة هي التي نعيش اليوم وعندنا أمل انها في حالة ظل التعاطي فيها ايجابيا ، من حيث التشاور في مختلف القضايا ، قد تكون مدخلا مناسبا للتعاطي مع الملفات الكبرى والدخول لها من باب واسع ، في ظل تجربة ناجحة ، والى حدما نعتقد انها حتى الآن ناجحة من حيث تعاطي الدولة ، ومن حيث اشراك الفاعلين السياسيين في إدارة ملف وطني بامتياز ، وهو ملف التصدي لكارثة “كورونا”

وباختصار هذه العوامل الثلاثة هي التي جعلت المعارضة تدخل مرحلة جديدة من تاريخها السياسي ، مغايرة تماما للمرحلة التي كانت فيها في عهد النظام السابق، و مغايرة أيضا للمرحلة التي كانت فيها في عهد ولد الطايع.

 

المعارضة هي الأخرى بحاجة للقيام بمراجعات ذاتية

 

  • طيب في ظل وضعية كهذه ما هي أهم ملامح حضور المعارضة في المشهد السياسي الحالي ؟

 

طبعا ملامح حضور المعارضة في المشهد السياسي الحالي  ، يتجلى من خلال خطابها ، ومن خلال منابرها ، هذا الخطاب وهذه المنابر الأن محصوران في زاوية مواجهة الوباء والتنسيق مع السلطة فيما يتعلق بهذه الجائحة الخطيرة ، لكن هذا لا ينفي أن المعارضة لحد الآن ترى أنه لا بد من بحث المعضلات والقضايا الجوهرية التي تشكل أعطاب بنيوية في النظام السياسي ونظامنا المؤسساتي ، لكي نضع لها التصورات الناجعة ، ونتجاوزها من أجل أن تصبح الدولة لديها مناعة ، لا لمواجهة الكارثة الحالية فقط بل لمواجهة كل الكوارث الاخرى المحتملة مستقبلا ، فهذه الازمة والأزمات المتوقعة ، ستكون أكثر تأثيرا وخطورة عندما نكون كسياسيين وكدولة عاجزين عن تسوية أعطابنا السياسية والبنيوية المتراكمة ، كالشوائب الجوهرية المعيقة للمسار الديمقراطي في البلاد ، لنضع التصورات الملائمة  للجنة انتخابات شفافة ونزيهة ، ونحدد كيف نتعامل مع الملف الحقوقي و ملف الوحدة الوطنية ، وكيف نتعامل مع هوية البلاد الضائعة والمهددة ، وكيف نتعامل مع  ملف الحكامة وملف تسيير ثرواتنا ، وكيف نتعامل مع موقعنا الاستراتيجي الذي بقدرما تزداد أهميته عالميا ، بقدرما شكل رهانا لقوى كثيرة .

 هذه ملفات وطنية كثيرة تجسد حضور المعارضة في المشهد السياسي ، وتتمنى ان تجد فرصة جديدة تخرج بها موريتانيا من المواقف السلبي بين المعارضة والسلطة ، وهذا يدفعني أيضا للقول ان المعارضة هي الأخرى بحاجة للقيام بمراجعات ذاتية ، تراجع فيها مناهجها وأساليبها في التعاطي مع النظام ، ومع القضايا الوطنية الكبرى ، لأنه لا شك أن نهج المعارضة خلال العقدين والنصف الماضيين ، يحمل في طياته بعض الأخطاء والهفوات التي تحتاج للمراجعة والتقييم الموضوعي ، وبالتالي يجب على المعارضة أن تمارس النقد الذاتي على تجربتها السياسية في افق اصلاحها وتطويرها لتلائم الواقع والمستجدات ، ولكي تتجاوز ما أصبح منها لا يلائم الواقع والمستقبل.

 

مبادرة الاتحاد من أجل الجمهورية التي لبتها المعارضة بدون تحفظ !!

 

  • هناك على مستوى الاحزاب المشكلة للبرلمان حديث على منسقية جديدة تضم أحزاب المعارضة والموالاة ماذا عن هذه المنسقية واهم مهامها ، و ابرز نقاط التلاقي والاختلاف بين مكوناتها السياسية ؟

 

  • صحيح هذه المنسقية موجودة فعلا ، و تضم أحزاب الموالاة والمعارضة الممثلة في البرلمان ، و هي مبادرة  من حزب الاتحاد من أجل الجمهورية (الحاكم) ، ولبتها أحزاب المعارضة بدون تنسيق مسبق ، و وجدت نفسها في توافق معها  ، وهذه المنسقية تحاول الآن ان تتعامل مع نقاط محددة للتصدي لهذه الازمة الصحية التي تمر بها البلاد ككل بلدان العالم ، لكن أحزاب المعارض في نفس الوقت الذي تلبي فيه هذه الدعوة بدون تحفظ ، ترى أن التنسيق مع الموالاة في التعاطي مع الأزمة الصحية ، لا معنى له إن لم يكن سيفتح  آفاقا جديدة للتعاطي مع أزمات موريتانيا كلها ، صحية كانت أو سياسية أو اقتصادية أو بنيوية.

 

تجربة مهمة قابلة للتعميم إن نجحت …!!

وستحدد أحزاب المعارضة في إجتماع قريب لها طبيعة مساهمتها ودورها في هذه المنسقية الخاصة بدعم جهود الحكومة في التصدي لجائحة “كورونا” ، وستحدد الاليات المناسبة لذلك ، على ضوء ما صدر من السلطة ، و من الحزب الحاكم من أن صندوق التضامن الخاص بالوباء ستشكل له هيئة إشراف ورقابة مكونة من المجتمع المدني ، والفاعلين السياسيين ، والأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان ، وهذا في الحقيقة إن تم سيكون خطوة مهمة وتجربة جديدة قابلة للتعميم في مجالات أخرى ، ولا يعني هذا مطلقا أن المعارضة لم تعد معارضة ، المعارضة لا بد منها وفعلا تتعارض مع التسيير والعمل الحكومي ، ولكن في الأزمات لا مانع من التشاور مع الحكومة من أجل مراقبتها ، خصوصا أن هذا الملف الذي نتحدث عنه لا يحتمل الأخطاء ، وعمق الفساد في البلاد وتجاربه الكارثية يفرض علينا كمعارضة مواجهته بكل الوسائل والاليات غير التقليدية ، خاصة أن هذا الصندوق يجب أن يحمى من الفساد نظرا لحساسيته ، مع أن كل شيئ يجب ان يجنب الفساد والمفسدين .

 

لجنة التدقيق المالي في تسيير الجمعية الوطنية ستقدم تقريرها قبل نهاية الدورة الحالية

 

  • دكتور انت شخصيا كلفت او انتخبت لرئاسة لجنة التدقيق داخل الجمعية الوطنية وهي لجنة ظلت معطلة منذ انشاء البرلمان الموريتاني ، ما هي أهم مهام هذه اللجنة وما ذا حققتم حتى الان ؟

 

  • لجنة الحسابات في الجمعية الوطنية كما تفضلتم تم تفعيلها مؤخرا ، وهي لجنة ينص عليها النظام الداخلي للجمعية الوطنية ، لكن حسب علمي وما توصلت إليه من معلومات ، هذه اللجنة ظلت دائما معطلة ، ومعطل دورها ، والآن بعد تفعيلها نرجو أن تقوم بدورها ككل لجان البرلمان ، ومهمتها تتمثل في ضبط وتدقيق حسابات تسيير الجمعية الوطنية ، والتأكد من إحترام أوامر الصرف لما تنص عليه المساطر القانونية المحددة بوضوح في أنظمة الجمعية الوطنية الداخلي والاداري والمالي ، وأيضا التأكد من احترام تسيير الجمعية الوطنية لقانون الصفقات وقانون التعاملات الاداري والمالي للجمهورية الاسلامية الموريتانية ، ونحن واثقون أننا كأي لجنة برلمانية سننجز عملنا على أحسن حال في أفق تفعيل مؤسسات الرقابة الذاتية ، والرقابة العمومية ، التي هي مهمة الجمعية الوطنية ، ونحن بدأنا اجتماعاتنا و نأمل بعون الله أن نقدم تقريرنا النهائي لمكتب الجمعية الوطنية قبل نهاية الدورة البرلمانية الحالية ، والمكتب بدوره يحيله للجمعية الوطنية في جلستها العامة لكي تقيم التقرير وتتحقق من المعلومات الواردة فيه ، وهذا في الحقيقة عمل روتيني من أعمال الجمعية الوطنية ، لكن ما يميزه الآن هو أن هذه اللجنة ظلت معطلة ولم تقدم أي تقرير للجمعية الوطنية منذ انشائها في  تسعينيات القرن الماضي ، والحقيقة أن هذا عنصر مبشر بالخير ونرجو أن تكون هذه بداية لتفعيل كل المؤسسات المنصوص عليها في الدستور والقوانين الوطنية.

 

الرئيس الجمعية الوطنية هو الذي أمر بتشكيل لجنة التدقيق

 

  • هل تعاطى معكم رئيس الجمعية الوطنية إيجابيا بخصوص ملفات التسيير ، وماذا بيد لجنتكم في حالة ظهور عمليات فساد وتلاعب بأموال الجمعية الوطنية ؟

 

  • فيما يخص تعاطي رئيس الجمعية الوطنية مع اللجنة ، فلا بد من الاشارة الى أن الرئيس هو الذي أمر بتشكيل هذه اللجنة ، وهو من وقع عليها ، ولا يمكن ان ترى النور بدون موافقته ، وعملها الأساسي مع المسير المالي ومع مسؤول الخزينة ، وهذا لا ينفي مسؤليات الرئيس الواضحة والجلية في كل ما يجري داخل الجمعية الوطنية ، لكن لجنتنا معنية بالجانب المالي والإداري والتسييري وتعاملها بشكل مباشر المعنيين المباشرين بتلك المهام والوظائف ، وللأمانة رئيس الجمعية الوطنية أكد لنا على إصراره على أن تقوم اللجنة بعملها على أحسن حال، معربا عن استعداده لكل ما يجعلها  تؤدي مهمتها على أكمل وجه ،  وتقدم تقريرها  النهائي والذي تمنح بموجبه شهادة الذمة المالية للمعنيين أو ترفعه للجمعية الوطنية  لتتخذ ما تراه مناسبا في حالات ظهور اختلالات في التسيير.

 

ثقتي كبيرة  في لجنة التحقيق البرلمانية في ملفات العشرية وأعتقد أنها ستنجز عملها على أكمل وجه

 

  • دكتور أنت لست عضوا في لجنة التحقيق البرلمانية المكلفة ببعض ملفات عشرية النظام السابق ، ولكنك برلماني معني بها بشكل مباشر ، هل تعتقد كنائب معارض ان هذه اللجنة جادة وستكشف الفساد والمفسدين . أم أنها مجرد ذر للرماد في العيون ؟  وتسوية حسابات شخصية ؟ ومحاولة للي ذراع الرئيس السابق ولد عبد العزيز كي يتأدب ويلتزم ، لا أكثر ولا أقل ؟

 

  • انا عندي ثقة تامة في كل زملائي في الجمعية الوطنية ، وأظن ان هذه اللجنة ظلت مطلبا لدى كل برلماني موريتاني ، صحيح أن الأسماء التي بادرت بالمطالبة بهذه اللجنة كان أغلبها من المعارضة ، لكن في نفس الوقت كانت هناك أطراف أخرى من خارج المعارضة تطالب بها ، والأصح والأهم من كل هذا أنها لو لم تحظ بقبول ورضى و مباركة الاغلبية ، خصوصا حزب الاتحاد من إجل الجمهورية لما وجدت طريقها الى النور ، هذا أقوله بكل صراحة إحقاقا للحق ، لأن هذه الكتلة البرلمانية بحجم حضورها وتمثيلها العددي داخل البرلمان ، هي التي يعود لها القول الفصل في تشكيل كل اللجان المقررة في الجمعية الوطنية ، وبالتالي هذه اللجنة اليوم تشكل كل أطياف وكتل الجمعية الوطنية ، وأنا اقول بكل وضوح أنني واثق فيها وفي شخصياتها ، وعندي حسن ظن كبير بهم واعتقد انها ستنجز عملها على اكمل وجه ، وأعتقد أنها لجنة ستحدد بعملها مصداقيتها ومصداقية الجمعية الوطنية لدى الشعب الموريتاني ، وعلى ضوء ما ستقوم به سيتحدد الأمل واتساع أفق ذلك الأمل ، كما سيتحدد افق خيبة الأمل  لا قدر الله في الحالة المعاكسة

 

كل نظام جديد للبلاد يرفع شعار محاربة الفساد ومع ذلك  يمارس منه اشكالا جديدة لم تخطر على بال من سبقه

 وبالتالي هي الآن تمتلك كل الصلاحيات ، وتمتلك إرادة سيادية خلفها الجمعية الوطنية بكل كتلها وأطيافها ، وخلفها سلطة تنفيذية أعلنت على لسان أعلى مسؤول فيها أنها ليست معنية بعملها ولن تتدخل لها ، وبالتالي لا يوجد أي عائق يعيق عدم القيام بمهمتها على أكمل وجه ، وهذا في الحقيقة عمل رقابي برلماني طبيعي يفترض أن يكون هو الآخر روتينيا لأنه من صميم عمل البرلمان ، لكنه كان معطلا خلال الأنظمة السابقة ، لذا لا أخفي املي  الكبر فيها كلجنة برلمانية مستقلة تضم كل أطياف المشهد السياسي الممثل في الجمعية الوطنية ، وأدرك جيدا أن نتائج عملها إيجابا أو سلبا تتوقف عليها  مصداقية أمل الموريتانيين في الحياة الديمقراطية بشكل عام وفي آليات الرقابة ، وفي البرلمان بشكل خاص ، وأملنا كبير ان نتخلص من غول الفساد وكابوسه المخيم على بلادنا منذ ستين سنة ، و وصلت البلاد بسببه لمستوى الحضيض ، وكل نظام جديد حكم البلاد يقول أنه سيحاربه ، لكن كل نظام يرفع شعار محاربة الفساد يمارس منه اشكالا جديدة لم تخطر على بال من سبقه من المفسدين ، وهذا ما يجعلني في الحقيقة ككل زملائي البرلمانيين وكأي مواطن موريتاني أحسن الظن بهذه اللجنة الأولى من نوعها في البلاد ، و أبني هذا التوقع أو الإحساس على ما نما لسمعي وما حصلت عليه من معلومات هامة كلها تؤكد أن هذه اللجنة جادة ، وماضية في انجاز مهمتها بأسلوب جيد ، وعلى أكمل وجه وبشكل دقيق  ومسؤول ، وهذا في الحقيقة لا ينفي الشائعات التي تحوم حولها ، صحيح أنها لجنة برلمانية وعليها أن تنأى بنفسها عن كل ما من شأنه أن يمس من حيادها وشفافيتها ، لأنها بمثابة قاض ينبغي أن يتحلى بالحياد والنزاهة ، والوقوف على نفس المسافة من جميع الأطراف ، ويحكم ضميره فقط ، وما تمليه القرائن والأدلة التي سيقف عليها في تحقيقه.

 

لن يصل بنا الأمر إطلاقا لأن نصف النظام الموريتاني بنظام “لا بارتايد” ، لكننا نصفه بأنه غير منصف وغير موضوعي

 

  • شريكك السياسي النائب بيرام ولد الداه اعبيدي أثار ضجة سياسية وإعلامية كبيرة مؤخرا من خلال تصريحاته التي تتهم موريتانيا كدولة وكشعب بالميز العنصري ، مع أننا ندرك أن لكل منكما مشروعه السياسي وليس مسؤلا عن تصريحات الآخر ، لكن الرأي العام قد يتطلع لمعرفة رأيك حول تلك التصريحات ، وفي أي سياق تصنفها ؟

 

  • صحيح نحن والزعيم بيرام ولد الداه ولد اعبيد أقمنا شراكة سياسية وانتخابية منذ 2018م ، وتنبع هذه الشراكة قناعتنا المشتركة المتمثلة في الحفاظ على الوحدة الوطنية ، والتركيز على المطلب الحقوقي المتعلق بالعبودية ومخلفاتها ، وأهمية هذا الجانب في برنامجنا السياسي ، و حضوره كبرنامج اسياسي لديه هو كزعيم حقوقي وكزعيم سياسي ، وهذا البرنامج السياسي المشترك بيننا ما زال مستمرا وحاضرا بقوة ونحن نسعى دوما لتطويره وتعزيز أداءه في الساحة السياسية، من خلال هذا الإطار العام المتمثل في الدفاع عن الوحدة الوطنية ،و عن تطبيق قوانين الجمهورية الاسلامية الموريتانية المتعلقة بالرق ومخلفات الرق ،

ونحن نتشارك مع الزعيم بيرام تماما نظرتنا في تباطؤ وضعف اهتمام الجانب الرسمي بل السكوت والتستر أحيانا على بعض ممارسي هذه الآفة ، كما نلاحظ عدم إسراع الحكومة في مواجهتها وتطبيق القوانين المتعلقة بها بصرامة ، لكن مع ذلك لكل منا رأيه ومواقفه مما يجري في الساحة السياسية الوطنية ، نحن نرى أن ملف العبودية  من أهم الملفات ويجب أن يتبناه الجميع، وأن لا يصبح مطلبا لجهة سياسية دون أخرى ، وعندما نصل لهذا الشعور والإحساس ستنتفي الحاجة لتلك المنظمات الحقوقية التي تكرس جهدها للعمل الحقوقي، وهو أمر من حقها ، ونحن نستشعر أهمية هذا الملف وهو حاضر بقوة في برنامجنا السياسي ، لكننا نتعامل معه كحزب سياسي لا كمنظمة حقوقية ، وبالإضافة لمجموعة من العوامل الأخرى نحن نختلف في بعض وسائل النضال و وسائل العمل نحن نعمل في إطار حزب دستوري يعمل وفق قواعد العمل السياسي ، في حين ان المنظمات تعمل وفق قواعد حقوقية لها خاصية معينة ، وهي إلى حد الآن محرومة من حقها في الترخيص ، وحرمت الى حد الآن بطريقة ظالمة وغير منصفة من حقها في ممارسة العمل السياسي ، وهذا  ما يجعلنا من جديد نرفع هذا المطلب للسلطات الموريتانية ، والمتمثل في رفع الأيدي عن الجانب السياسي الوطني ، وترك الفاعلين السياسيين يمارسون ما يرونه مناسبا ، خصوصا هذه الحركة الحقوقية الكبيرة المسماة “ايرا” ، كما نطالب الدولة أن ترفع اليد عن كل حزب سياسي يرغب في ممارسة العمل السياسي وفق القواعد الدستورية الطبيعية .

ونحن طبعا  رغم انشغالنا بهذا الملف الحقوقي بإمتياز لن يصل بنا الأمر إطلاقا أن نصف النظام الموريتاني الحالي بنظام “لا بارتايد” ، لكننا نصفه بأنه غير منصف وغير واقعي وغير موضوعي في تعاطيه مع حق هؤلاء في ممارسة عملهم السياسي داخل حزب سياسي معترف به ، وحقهم في ممارسة عملهم الحقوقي  والنضالي في إطار منظمة حقوقية وطنية هي “إيرا” وكل هذا نراه ظلما وغير منصف ونطالب السلطات من جديد لإيجاد حل مناسب له.

 

نتفهم التباطؤ الحاصل على مستوى الأداء الحكومي لكننا نطالب الحكومة بضبط إيقاعها على انتظارات وتطلعات المواطنين

 

  • سؤال أخير ما هو تقييمك كزعيم معارض لأداء حكومة الوزير الأول خاصة على المستوى التنموي والاقتصادي ؟

 

  • في الحقيقة بالنسبة لأداء الحكومة نلاحظ تباطأ كثيرا ، لكننا في حزب “الصواب” نرى أن له ما يبرره لعدة اعتبارات ،  منها أننا  في بداية مرحلة انتقالية في البلاد ، ومنها أيضا أن الوزير الأول صرح أمام البرلمان أنهم وجدوا خزائن الدولة فارغة ، والواقع التسييري يشهد تخبطا كبيرا ، وهذا في الحقيقة يتطلب مجهودا كبيرا و وقتا اكثر للتغلب عليه.

 ويخفف أيضا من غلواء رفضنا له أن البلاد دخلت منذ حوالي شهرين أزمة صحية عالمية ، هي أزمة كورونا التي ما زالت تعيشها ، كل هذه العوامل تخفف من حكمنا على التباطؤ الكبير الحاصل في تنفيذ البرنامج الحكومي المعلن من طرف النظام الحالي أمام البرلمان.

نأمل ان تكون الحكومة قد صححت خلال هذه الفترة الإختلالات الكبرى التي كشفها تقرير الوزير الأول الأخير أمام البرلمان ، والتي تعود لمخلفات النظام السابق، كما نأمل أن تتجاوز أيضا صدمة الأزمة الحالية ، وتباشر تنفيذ مشاريع التنمية ، وعندها لن نكون بنفس مستوى الرضى عن سير الإيقاع الذي تسير به الحكومة الحالية ، التي لا بد من وجهة نظرنا أن تضبط إيقاعها على انتظارات وتطلعات الشعب الموريتاني اتجاه هذا النظام وبرنامجه الحكومي ، وهذا باختصار هو حكمنا على حكومة معالي الوزير الاول اسماعيل ولد بده ولد الشيخ سيديا

 

 المصدر : صحيفة “الصدى” الاسبوعية العدد رقم  146الصادر بتاريخ 13 رمضان 1441هـ الموافق 06/05/2020

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى